للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطفئ الغضب، حيث قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" (١).

ومن هذه النصوص التي تنهى عن مساوئ الأخلاق وترشد للتي هي أقوم يتضح ذلك الحرص الأكيد على سلامة القلوب المؤمنة مما يكدر صفو الأخوة الإسلامية، وينحرف بالسلوك عن مقتضى الحب في اللَّه والاجتماع على ما يرضيه، وقد بلغ الأمر في الحرص على سلامة القلب وطهر النفس ونقاء الضمير أن أرشد للَّه سبحانه وتعالى عباده إلى نوع من الدعاء يركز على مكنون القلب وأعماق الوجدان، حيث قال تعالى حكاية عن أخوة الإسلام ووحدة أمته، وأنها تمتد في أعمق التاريخ لتصل ماضي الأمة بحاضرها ومستقبلها: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ١٠]، قال بعض المفسرين: (والذين جاؤوا من بعدهم أي: من بعد المهاجرين والأنصار يقولون على وجه النصح لأنفسهم ولسائر المؤمنين: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين، ومن السابقين، من الصحابة، ومن قبلهم ومن بعدهم، وهذا من فضائل الايمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان، المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين التي من فروعها، أن يدعو بعضهم لبعض وأن يحب بعضهم بعضًا. . .) (٢).

إلى أن قال: (ذكر اللَّه في هذا الدعاء نفي الغل عن القلب، الشامل


(١) أخرجه الإمام أحمد: مسند الإمام أحمد بن حنبل: (٥/ ٢٦٦)، رقم الحديث: [١٧٥٢٤]، حديث عطية السعدي: (٤/ ٢٢٦)، ترتيب: دار إحياء التراث العربي، مرجع سابق.
(٢) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (٧/ ٣٣٦)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>