للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه، وقال رسول اللَّه) (١) وقال بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ. . .} [الأنفال: ٧٤ - ٧٥]: (هذه الآيات في بيان مدحهم وثوابهم. . . لأنهم صدقوا إيمانهم بما قاموا به من الهجرة، والنصرة، والموالاة، بعضهم لبعض، وجهادهم لأعدائهم من الكفار والمنافقين. . . وكذلك من جاء بعد هؤلاء من المهاجرين والأنصار، ممن تبعهم بإحسان فآمن وهاجر وجاهد في سبيل اللَّه، {فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٧٥] لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. فهذه الموالاة الإيمانية -وقد كانت في أول الإسلام- لها وقع كبير، وشأن عظيم، حتى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- آخى بين المهاجرين والأنصار أخوة خاصة، غير الأخوة الإيمانية العامة، وحتى كانوا يتوارثون بها، فأنزل اللَّه: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: ٦] فلا يرثه إلا أقاربه من العصبات، وأصحاب الفروض، فإن لم يكونوا، فأقرب قراباته، من ذوي الأرحام، كما دل عليه عموم الآية الكريمة) (٢).

ومما يستخلص من هذا الحدث الإسلامي الفريد في إطار العقيدة والأخوة والتشريع: (أن نظام الميراث الذي استقر أخيرًا، إنما هو نفسه قائم على أخوة الإسلام بين المتوارثين، إذ لا توارث بين دينين مختلفين، إلا أن الفترة الأولى من الهجرة وضعت كلًا من الأنصار والمهاجرين أمام مسؤولية خاصة من التعاون والتناصر والمؤانسة، بسبب مفارقة المهاجرين لأهلهم وتركهم ديارهم وأموالهم في مكة، ونزولهم ضيوفًا على إخوانهم


(١) أحكام القرآن: (٢/ ٨٨٩، ٨٩٠)، تحقيق: علي محمد البحاوي، عن دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت، بدون تاريخ.
(٢) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (٣/ ١٩٥، ١٩٦)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>