للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشركوا إخوانهم المهاجرين في أموالهم، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل كفوهم مؤونة العمل وقاسموهم في ثمار أموالهم إجابة لقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هم قوم لا يعرفون العمل -أي: في الزراعة- فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر" (١).

- وقال ابن كثير في تفسيره قوله تعالى: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} [الحشر: ٩]: (أي: من كرمهم وشرف نفوسهم، يحبون المهاجرين ويواسونهم بأموالهم. وقوله: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} [الحشر: ٩]: أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضلهم اللَّه بهم، من المنزلة والشرف والتقديم في الذكر والرتبة) (٢).

وقال القرطبي في معنى قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]: (الإيثار هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية ورغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ عن قوة اليقين، وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة، يقال: آثرته بكذا، أي: خصصته به وفضلته) (٣)، وساق شواهد عدة على ذلك من تطبيقات الأنصار رضوان اللَّه عليهم، مما يؤكد أن أخوة الدين هي التي جعلت الأنصار يفتحون قلوبهم لإخوانهم المهاجرين قبل أن يفتحوا منازلهم (٤).


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (٤/ ٣٣٨)، مرجع سابق، وذكر الواحدي: أسباب النزول: ص: (٣٩٣)، مرجع سابق: أن الأنصار قالوا: يا رسول اللَّه، اقسم بيننا وبين إخواننا من المهاجرين الأرض نصفين قال: "لا، ولكنهم يكفونكم المؤونة وتقاسمونهم الثمرة، والأرض أرضكم "قالوا: رضينا. فأنزل اللَّه تعالى {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} [الحشر: ٩] لكن الشاهد في سياق القصة ما أثبت أعلاه، وربما حدث هذا وذاك والتحقيق في ذلك أمر يخرج عن سياق البحث.
(٢) تفسير القرآن العظيم: (٤/ ٣٣٧)، مرجع سابق.
(٣) الجامع لأحكام القرآن: (١٨/ ١٨، ١٩)، مرجع سابق.
(٤) انظر: المرجع السابق نفسه: (١٨/ ١٧ - ٢٠). وانظر: محمود محمد بابللي: معاني الأخوة في الإسلام: ص: (٥٠)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>