للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتمع يكمل بعضه بعضه الآخر فهو (ما بين مهاجرين، قد هجروا المحبوبات والمألوفات، من الديار، والأوطان، والأحباب، والخلان والأموال، رغبة في اللَّه ومحبة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وبين أنصارهم؛ الأوس والخزرج الذين آمنوا باللَّه ورسوله طوعًا ومحبة واختيارًا. . .) (١)؛ ولذلك فإن اللَّه امتدح المهاجرين ووصفهم في الآية السابقة للآية التي وصف فيها الأنصار وامتدحهم بها إذ قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: ٨]، (وهي صورة صادقة تبرز فيها أهم الملامح المميزة للمهاجرين) (٢) إلى جانب الصورة التي ذكرت عن الأنصار، وهما صورتان متكاملتان لتميز الأمة الإسلامية، وأن من مقوماته الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة التي تقوم على (مبدأ العطاء قبل الأخذ، وتشده أواصر العقيدة. . . ويوجهه الإيمان العميق في كل فاعلياته، ويقوده الرسول (الأسوة) الذي ضرب بتجرده وإيثاره وانسلاخه عن الأخذ وعطائه الدائم مثلًا عاليًا ومؤثرًا) (٣).

وخلاصة القول: (أن تجربة المؤاخاة نجحت، وكان لابد لها أن تنجح ما دامت قد استكملت الشروط، وتهيأت لها الأسباب في القيادة والقاعدة على السواء وبغض النظر عن عدد الذين تآخوا عشرات كانوا أو


(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (٧/ ٣٣٣)، مرجع سابق.
(٢) سيد قطب: في ظلال القرآن: (٦/ ٣٥٢٦)، مرجع سابق.
(٣) عماد الدين خليل: دراسات في السيرة: ص: (١٥٦)، مرجع سابق. ولمزيد الاطلاع على نماذج من تطبيقات الإيثار بين المهاجرين والأنصار بل بين إخوة الإسلام؛ انظر: المرجع السابق نفسه: (١٥٢ - ١٥٨)، وانظر: حسن زكريا فليفل: إنما المؤمنون إخوة: ص: (٣٣ - ٤٤)، مرجع سابق، وانظر: نماذج من الأخوة والحب بين الصحبة والتابعين وتابعيهم ص: (٤٤ - ٥٢)، المرجع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>