للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع، فلمَّا بعث اللَّه محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- حرست السماء حرسًا شديدًا ورجمت الشياطين) (١).

ويؤيد هذه المرويات وأمثالها ما ورد في القرآن الكريم بشأن حراسة الوحي قبل وصوله إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وبعد ذلك، وحفظ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى يبلغ رسالة ربه، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩].

قال بعض المفسرين في تفسيرها: (أي: في حالة إنزاله وبعد إنزاله. ففي حال إنزاله حافظون له، من استراق كل شيطان رجيم، وبعد إنزاله أودعه اللَّه في قلب رسوله، واستودعه في قلوب أمته، وحفظ اللَّه ألفاظه كان التغيير فيها، والزيادة والنقص، ومعانيه من التبديل) (٢).

وفي تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: ٨ - ٩]، قال السعدي: أي: أتيناها واختبرناها {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} عن الوصول إلى أرجائها، والدنو منها {وَشُهُبًا} يرمي بها من استرق السمع، وهذا مخالف لعادتنا الأولى فإنَّا كُنَّا نتمكن من خبر السماء ما شاء اللَّه، {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} أي: مرصدًا له، معدًّا لإتلافه وإحراقه) (٣).

وفي تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ


= (مرجع سابق). وانظر: أبو نعيم الأصبهاني: دلائل النبوة ١/ ٢٢٥ - ٢٢٨، (مرجع سابق)، أورد خمسة أحاديث تنص على قصة حراسة السماء وارتباط ذلك بالقرآن الكريم ومبعث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(١) أخرجه البيهقي. دلائل النبوة: ص ١١١، (مرجع سابق).
(٢) السعدي: تيسير الكريم الرحمن. . ٤/ ١٥٨، (مرجع سابق).
(٣) تيسير الكريم الرحمن. . ٧/ ٤٩١، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>