للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن الكريم عندما أدرك ولاة أمرها (الخطر الداهم الذي لاحت نذره في معركة اليمامة، ويوشك أن يلتهم كل حفاظ القرآن من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- وهم الشهود العدول على وثاقة النص المكتوب، وقد كان مفرقًا في لخاف وكرانيف وعسب وأضلاع وأكتاف (١)، إلى جانب ما كان في الصدور، ولم يأخذ بعد سورة الكتاب الواحد، اللهم في صدور الصحابة الذين جمعوه حفاظًا على عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد بدأت الحرب تقرضهم واحدًا إثر واحد) (٢).

وفي ذلك روى البخاري عن زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- عنه قصة جمع القرآن الكريم وهي قصة تنم عن وعي ولاة أمر الأُمَّة، وتحملهم مسؤولية مصالحها، وتثبتهم، وحرصهم الشديد على متابعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في كل ما يأتي ويذر بغاية الدقة والمحبة والإخلاص، وقد ورد في تلك القصة (أن زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- قال: أرسل إليَّ أبو بكر، مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن عمر أتاني فقال: إنَّ القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستمر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف


(١) قال السيوطي في معناه: (العُسْبُ: جمع عَسِيْب، وهو جريد النخل؛ كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض، واللخاف [بكسر اللام وبخاء معجمة خفيفة آخره فاء]: جمع لَخْفة [بفتح اللام وسكون الخاء] وهي: الحجارة الدقاق، وقال الخطابي: صفائح الحجارة. . . والأكتاف: جمع كتف؛ وهو العظم الذي للبعير أو الشاة؛ كانوا إذا جَفَّ كتبوا عليه) الإتقان ١/ ٥٨، ٥٩، (مرجع سابق). ولمزيد الاطلاع على مواد الكتابة في الجاهليَّة وصدر الإسلام؛ انظر: محمد قبيسي: القرآن الكريم الوثيقة الأولى في الإسلام: ص ١١٣ - ١١٨، الطبعة الأولى ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م، من منشورات دار الآفاق الجديدة - بيروت.
(٢) محمد بيومي مهران: دراسات تاريخية من القرآن الكريم. . . ص ٢٧، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>