للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما كان توقيفيًّا، فبقيت الكتابة مفتوحة انتظارًا لما يحدث من زيادة، ومنها: ما يتعلق بالأحرف السبعة والقراءات الأخرى.

وأمر آخر يتعلق بالنسخ (لأن النسخ كان يرد على بعضه ويرفع الشيء بعد الشيء من تلاوته، كما ينسخ بعض أحكامه، فلو جمع ثُمَّ رفعت تلاوة بعضه أدى ذلك إلى الاختلاف، واختلاط أمر الدين، فحفظه اللَّه في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثُمَّ وفق لجمعه الخلفاء الراشدين) (١).

لهذه الاعتبارات ونحوها كانت كتابة المصحف تتسم بالكثرة، والتنوع، وكانت متناثرة لا يربطها نظام في كتاب واحد (٢)، وقد عَدَّ بعض العلماء هذه الاعتبارات مجتمعة أو متفرقة أسبابًا لعدم جمع ما كتب من التنزيل في كتاب واحد في عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ تَمَّ ذلك في عهد الخلفاء الراشدين، ومن المعلوم أنَّ سنتهم متممة لسنّة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومِمَّا ورد في ذلك ما أخرجه الإمام أحمد رحمه اللَّه أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ" (٣).

ج- وفي عهد أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، أجمعت الأُمَّة على أهميَّة جمع


= عن كثير بن الصلت، قال: (كان ابن العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف فمرا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" فقال عمرو: لما نزلت أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: أكتبها، فكأنه كره ذلك. فقال له عمرو: "ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم، وإذا لم يحصن جلد، وأن الثيب إذا زنى وقد أحصن رجم" قال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (المرجع السابق نفسه: الصفحة نفسها).
(١) البغوي: شرح السنة ٣/ ٥٠، (المرجع السابق نفسه).
(٢) انظر: الزركشي: البرهان في علوم القرآن ١/ ٢٣٨، (مرجع سابق).
(٣) مسند الإمام أحمد ٤/ ١٢٦، الحديث رقم (١٦٦٩٤)، طبعة دار الإحياء العربي: ٥/ ١٠٩ (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>