للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول (موير): (إنَّ المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتى وصل إلينا بدون أي تحريف، ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر، بل نستطيع أن نقول: إنه لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلاميَّة الواسعة. . . فلم يوجد إلَّا قرآن واحد لجميع الفرق الإسلاميَّة المتنازعة، وهذا الاستعمال الإجماعي لنفس النص المقبول من الجميع حتى اليوم يعد أكبر حجَّة ودليل على صحة النص المنزل) (١).

أمَّا المنهج الذي طبقته الجماعة المكلفة بأمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- فإنَّه يرتكز على ما يأتي:

أولًا: تطبيق مبدأ الشورى فيما استجد في حياة الأمَّة من سعة الانتشار وتفرق علماء الأُمَّة في الأمصار المفتوحة، وما نجم عن تعلم القرآن لناشئة المسلمين من أوجه متعددة في قراءة القرآن؛ أخرج أبو داود في المصاحف عن طريق أبي قلابة أنه قال: (لما كانت خلافة عثمان، جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلِّمين حتى كفر بعضهم بعضًا، فبلغ ذلك عثمان، فخطب فقال: "أنتم عندي تختلفون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافًا" (٢).

وأخرج البخاري: أن حذيفة بن اليمان قَدِم على عثمان، وكان يغازي أهل الشَّام في فتح أرمينيَّة، وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأُمَّة قبل أن يختلفوا في الكتاب، اختلاف اليهود والنصارى. . .) (٣).


(١) نقلًا عن محمد عبد اللَّه دراز: مدخل إلى القرآن الكريم: ص ٤٠، وقد عقَّبَ دراز على قول المستشرق المذكور من ناحيتين، انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٤١ - ٤٤.
(٢) ص ٢٩. وانظر: الزرقاني: مناهل العرفان: ١/ ٢٤٩، (مرجع سابق).
(٣) صحيح البخاري ٤/ ١٩٠٨، الحديث رقم [٢٧٠٢]، فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، تحقيق: (البُغا)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>