للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهؤلاء القرشيين (١): "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنَّما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مِمَّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق" (٢).

ومِمَّا ينبغي الإشارة إليه بصدد مظاهر العناية الربَّانيَّة بالقرآن العظيم من جهة ومن كونه المصدر الأول لتميز الأُمَّة الإسلاميَّة من جهة أخرى، أن الجهود التي بذلت في جمعه في عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ في عهد أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-، ثُمَّ في عهد عثمان بن عفان -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت جهودًا متكاملة في حفظ كتاب اللَّه جاء بعضها ليكمل الآخر ويعتمد اللاحق على السابق؛ ففي عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان القرآن الكريم مجموعًا بتمامه، وذلك بالنظر لمجموع الأمَّة -كما سبق الإشارة إلى ذلك- ثُمَّ كان جمعه في عهد أبي بكر -وحفظه لديه مدوَّنا في صحف- لا يقتصر على إيجاد سورة يسهل الرجوع إليها وتكون في مأمن من الأخطار فحسب، بل (إقرار الشكل النهائي لكتاب اللَّه الكريم وتوثيقه عن طريق حفظته الباقين على قيد الحياة، واعتماده من الصحابة الذين كان كل منهم يحفظ منه أجزاء كبيرة أو صغيرة) (٣)، ثمَّ نسخت منه نسخٌ عِدَّة في عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- برسم جامع أجمعت


(١) انظر: البغوي: شرح السنة ٣/ ٥١ - ٥٨، (مرجع سابق). وانظر: هامش: ص ٥٢ - ٥٤ لمزيد الاطلاع على أقوال العلماء حول هذه المسألة. وانظر: ابن تيمية: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٣/ ٣٩٥، (مرجع سابق).
(٢) من حديث حذيفة بن اليمان؛ أخرجه البخاري: صحيح البخاري ٤/ ١٩٠٨، الحديث رقم [٤٧٠٢]، (مرجع سابق).
(٣) محمد بيومي مهران: دراسات تاريخية من القرآن الكريم: ص ٢٨، (مرجع سابق)، وانظر: محمد عبد اللَّه دراز: مدخل إلى القرآن الكريم: ص ٣٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>