للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزال الأخبار عن الخلفاء بمنعه مستفيضة (١)، ثُمَّ جاءت بعدهم طبقة بدأت تستسيغ التدوين. . .، ثُمَّ جاء عهد عمر بن عبد العزيز (١٠١ هـ)، فأمر رسميًّا بالشروع في تدوين الحديث كما هو المشهور) (٢)، وتوافر علماء الأُمَّة على كتابة السنَّة وجمعها (٣). وقد اشتهر في القرن الثاني الإمام الزهري، (ثُمَّ شاع التدوين في الجيل الذي يلي جيل (الزهري). . .، ثُمَّ جاء القرن الثالث فكان أزهى عصور السُّنَّة وأسعدها بأئمة الحديث وتآليفهم العظيمة الخالدة، فقد ابتدأ التأليف في هذا القرن على طريقة المسانيد، وهي جمع ما يروى عن الصحابي في باب واحد. . . ولكنهم كانوا يمزجون فيها الصحيح بغيره، وفي ذلك من العناء ما فيه على طالب الحديث، فإنَّه لا يستطيع أن يتعرف على الصحيح منها إلَّا أن يكون من أئمة الشأن، فإن لم يكن له وقوف على ذلك اضطر إلى أن يسأل أئمة

الحديث، فإن لم يتيسر له بقي الحديث مجهول الحال عنده (٤).

وهذا ما حدا بإمام المحدثين ودرّة السُّنَّة في عصره محمد بن إسماعيل البخاري (٢٥٦ هـ) أن ينحو في التأليف منحًى جديدًا بأن يقتصر على الحديث الصحيح فقط دون ما عداه، فألف كتابه الجامع الصحيح


(١) انظر: المرجع السابق نفسه ١/ ٢٨٦ - ٢٩٧.
(٢) توفيق يوسف الواعي: الحضارة الإسلاميَّة مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٢٨٤، ٢٨٥، (مرجع سابق).
(٣) انظر: مصطفى السباعي: السُّنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي: ص ١٠٤، ١٠٥، الطبعة الرابعة، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م، عن المكتب الإسلامي، بيروت، المزيد من الاطلاع على بدايات جمع الحديث من الأمصار الإسلامية، ومن جمع الحديث في مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام وغيرها من البلاد الإسلاميَّة).
(٤) قام بعض العلماء بتحقيق مسند الإمام أحمد، كما فعل أحمد محمد شاكر ولم يتمه، وشرعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميَّة بالمملكة العربية السعودية في الرياض، بتحقيقه، وقد أصدرت منه أجزاء عدَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>