للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدى محمد، وإنَّ معظم الأفكار الناجمة عن هذا الخيال صحيحة وعادلة، ولكن ليست كل الأفكار القرآنية صحيحة وعادلة، بل توجد على الأقل نقطة واحدة غير صحيحة، ألا وهي أن الوحي أو الخيال الخلَّاق أسمى من تصرفات الإنسان العادية باعتبارها مصدرًا لوقائع تاريخيَّة مجملة) (١).

هذه بعض النماذج من مزاعم المستشرقين حول مصدر القرآن الكريم، والحقيقة أنَّ (أكثرهم يكادون يتفقون على أنَّه ليس من عند اللَّه، وعلى أن محمدًا استقى مادته من الأحبار والرهبان. . . وكان يتلقى عنهم المعلومات الدينيَّة من كتب العهدين) (٢)، وحتى أولئك المستشرقين الذين أثنوا على محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- ووصفوه بالعظمة والعبقرية والخيال الخلَّاق يلتقون مع غيرهم من المستشرقين الذين زعموا بأن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- اعتمد في تأليفه القرآن الكريم على الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد، فالكلُّ ينفي ربانية المصدر بصفتها خصيصة من خصائص تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، ولا يُسْتَثْنَى منهم إلَّا أفراد قلائل انفكوا عن المنهج الاستشراقي الموجَّه، واعترفوا بنبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ورسالته وبأن الإسلام صادر عن اللَّه عز وجل وبأن ربانية المصدر من خصائص تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة، وسيتضح ذلك من خلال الردود على مزاعم المستشرقين.

وقبل الرد على تلك المزاعم ألمح إلى أبرز ما ترتَّب على نفي ربانيَّة مصدر الإسلام، وكون محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الذي لفق القرآن الكريم، إذ كرس المستشرقون مجهوداتهم حهول تأليف محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- القرآن الكريم ليترسخ


(١) انظر: مونتغمري وات: WAAT(M.) Monamet,op.cit,P.٢١٠
نقلًا عن ساسي سالم الحاج، الظاهرة الاستشراقية ٢/ ٣٥٥ (مرجع سابق).
(٢) انظر: التهامي نقرة: القرآن والمستشرقون: مناهج المستشرقين: ١/ ٢٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>