للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة فإنَّ القصص في القرآن الكريم قد جاء بما هو أوسع مِمَّا يعرفه اليهود والنصارى في شتَّى بقاع العالم وما يعرفه العرب وما يعرفه الراهب (بحيرى)، وجاء في سورة أكمل وأعلى مِمَّا يعرفه جميع البشر.

يقول جواد علي: (. . . التفاصيل المذكورة في القرآن وفي الحديث عن العرش والكرسي وعن اللَّه وملائكته وعن القيامة والجنّة والنار والحساب والثواب والعقاب، ونحو ذلك. . . لم ترد تفاصيله عند اليهود ولا النصارى) (١).

والسؤال الذي يفرض نفسه عندئذٍ من أين أخذ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كل ذلك؟! إنها النبوَّة والوحي والرسالة، إنَّه الإعجاز الذي يُعَدُّ من دلائل نبوّة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢)، قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: ٤ - ٥] إنَّه وحي اللَّه الذي اصطفى له صفوة من الخلق هم أنبياء اللَّه ورسله، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ١٦٣ - ١٦٦].

إذًا فالقرآن الكريم من الكتب السماوية التي يؤمن بها المسلمون أُنْزِلَ


(١) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ٨/ ٤٩٥، (مرجع سابق)، وانظر: أحمد محمد شاكر، في تعليقه على مادة حديث في دائرة المعارف الاسلاميَّة: ١٣/ ٤٠١ - ٤٠٨، (مرجع سابق).
(٢) انظر: الإمام الباقلاني: إعجاز القرآن. .: ص ٣١، ٣٨، ٣٩ - ٥٦، ٥٧ - ٧٢، تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر، الطبعة الأولى، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م، عن مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>