للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أعماق التاريخ الإسلامي منذُ عبد اللَّه بن سبأ، وما تشعب عنه من شيعة وخوارج، ثُمَّ معتزلة وزنادقة. . . ثُمَّ تطفل على هذه المزاعم بعض أبناء المسلمين الذين قال عنهم أحد المفكرين المسلمين: (إنَّهم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا بيد أنهم خطر على كياننا) (١)، وقال عنهم قبل ذلك: (وولدوا في بلادنا ولكن عقولهم وقلوبهم تربت في الغرب، ونمت أعوادهم مائلة إليه فهم أبدًا تبع لما جاء به) (٢).

أمَّا السيرة النبوية فقد تناولتها دراسات المستشرقين بالبحث والتقصي حول كل جزئية من جزئياتها، فقد تكلموا عن بيئة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولغته، وعن اسمه ونشأته، وتكلموا عن تحنثه في غار حراء، وخاضوا في سيرته قبل البعثة وبعدها، في الفترة المكية، ثُمَّ ازداد اهتمامهم بهجرته إلى المدينة وسيرته فيها، وعلاقاته بمن حوله من يهود ومنافقين ومشركين، ولم يتورعوا عن الخوض في أخص خصوصيات البيت النبوي، بل تناولوا أمهات المؤمنين، وعللوا زواج الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بهن، وتكلموا عن أيام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الأخيرة (٣).

وهم في ذلك كله يتذبذبون ما بين مقذع فاحش متفحش في تناوله لسيرة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كلها أو بعض جوانبها، وما بين متناقض ينصف في جانب ويتحامل في جانب آخر.

ومهما يكن فإنَّ معظمهم يصدر من منطلق تجريد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من نزول


(١) انظر: محمد الغزالي: ظلام في الغرب: ص ٣، الطبعة الثانية، ١٩٦٥ م، عن دار الكتب الحديثة، القاهرة.
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ٣.
(٣) انظر: نذير حمدان: الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في كتابات المستشرقين: ص ١٤ - ٢٤، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>