للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير في تفسيرها: (يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم -عليه السلام- إلى عيسى -عليه السلام- لمهما آتى اللَّه أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ، ثُمَّ جاء رسول اللَّه من بعده ليؤمنن به ولينصرنه. . . قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: ما بعث اللَّه نبيًّا من الأنبياء إلَّا أخذ عليه الميثاق لئن بعث اللَّه محمدًا وهو حيٌّ ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بُعثَ محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه) (١).

وحيث إن نبي اللَّه ورسوله عيسى -عليه السلام- كان آخر الأنبياء والمرسلين قبل محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فإنَّه قد بشَّرَ به، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: ٦] (٢).

ومن يتدبر الآيات التي جاءت بعد الآية التي ذُكِرَ فيها الميثاق يتبين له من منطوقها ومفهومها، ومِمَّا تدل عليه صراحة وضمنًا: أنَّ (الوفاء بهذا العهد هو الدين، فمن ابتغى سواه من الأديان والملل والنحل والمذاهب فقد ابتغى غير دين اللَّه، وهذا ما يفيده الاستفهام الإنكاري في قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: ٨٣] (٣).


(١) تفسير القرآن العظيم ١/ ٣٧٨، (مرجع سابق).
(٢) ووردت أحاديث كثيرة أخبر فيها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنَّ نبي اللَّه عيسى -عليه السلام- سيرجع في آخر الزمان ويحكم بالإسلام أربعين سنة بعد أن يقضي على فتنة المسيح الدخال، وأنَّه يأتم في صلاته بإمام من أئمة المسلمين في الصلاة، وفي هذا دلالة عظيمة على عالميَّة الإسلام وأمته، حيث إن عيسى -عليه السلام- سيحكم بالإسلام على الأمتين (اليهودية والنصرانية) في وقت كادت الشادة على العالم أن تكون بأيديهم وتحت شعار العولمة والعالميَّة.
(٣) مناع القطان: الشريعة الإسلاميَّة (شمولها، عالميتها، ووجوب تطبيقها): ص ٢٥، الطبعة الثانية ١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م، الدار السعودية للنشر. . . - الرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>