للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى عاصمة دولة الإسلام لإشهار إسلامهم ومبايعة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، والانضواء تحت مظلَّة الأُمَّة الإسلاميَّة وراية لا إله إلَّا اللَّه محمد رسول اللَّه، عللوا ذلك بسبب (سقوط مكة زعيمة الشرك بأيدي الفاتحين، وهزيمة التحالف الوثني الأخير في حنين [فكان ذلك] آخر ضربتين حاسمتين للوجود الوثني في جزيرة العرب، انهار بعدها جدار الكفر، وانطلقت حركة الإسلام بخفّة وسرعة، حيث أزيلت العوائق، إلى كل مكان، وأدركت القبائل العربية التي ظلت على وثنيتها ألَّا مناص لها من تحديد موقفها من الإسلام ودولته المتفردة بالحكم والسلطان في الجزيرة كلها، وأن عنادها وتشبثها بمواقفها السابقة فقد مبرراته بدخول مكة في الإسلام، وانتماء هوازن، أكبر القبائل الوثنية، للدين الجديد، فراحت هذه القبائل تتسابق في إرسال وفودها إلى المدينة قاعدة الإسلام، مبايعة على الإسلام أو مصالحة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكثرة هذه الوفود التي انهالت على المدينة في العام التالي لفتح مكة ومطلع الذي يليه، سماه المؤرخون "عام الوفود" (١)، (٢).

وواضح أنَّ هذا يتفق مع ما ذكره ابن إسحاق مؤرخ السيرة الأول، إذ قال: (وإنَّما كانت العرب تربّص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش، كانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت الحرام، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم -عليه السلام-، وقادة العرب لا ينكرون ذلك، وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وخلافه، فلما افتتحت مكة ودانت له قريش، ودوّخها الإسلام، وعرفت العرب أنَّه لا طاقة لهم بحرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا عداوته، فدخلوا في دين اللَّه كما قال اللَّه -عز وجل-: {أفواجًا} يضربون إليه من كل وجه) (٣).


(١) السيرة النبوية لابن هشام: ١/ ٢٠٣، (المرجع السابق نفسه).
(٢) عماد الدين خليل: دراسات في السيرة: ص ٢٥٧، (مرجع سابق).
(٣) السيرة النبوية لابن هشام: ١/ ٢٠٣، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>