للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنفسهم دفع الجزية، وكانوا -كما ذكر العلماء- أول من دفع الجزية في الإسلام (١)، وقصة ذلك مذكورة في كتب السيرة والتفسير وأسباب النزول.

قال ابن كثير: (سورة آل عمران. . . مدنية؛ لأن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران، وكان قدومهم في سنة تسع من الهجرة. . . . .) (٢)، ثُمَّ قال في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِين} [آل عمران: ٦١]: (كان سبب نزول المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران: أن النصارى لما قدموا فجعلوا يحاجون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من النبوة والإلهية، فأنزل اللَّه صدر هذه السورة ردًّا عليهم) (٣).

وبعد أن أورد ابن كثير تفاصيل ما حدث بينهم وبين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من مناظرة وجدال قال: (فأنزل اللَّه في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم صدر سورة اَل عمران إلى بضع وثمانين آية منها. . .) (٤)، وذكر ما كان من أمر مشورتهم فيما سمعوا من القرآن الكريم، وما وقفوا عليه من حقيقة نبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن صاحب الرأي فيهم قال: (واللَّه يا معشر النصارى لقد عرفتم أنَّ محمدًا لنبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمت أنه ما لاعن قوم نبيًّا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، وأنّه الاستئصال منكم إن فعلتم، فإنْ كنتم أبيتم إلَّا ألف دينكم والإقامة


(١) انظر: ابن تيمية: الجواب الصحيح. . . ١/ ١٧٠، تحقيق: علي بن حسن وآخرين، (مرجع سابق)، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم ١/ ٣٧٠، (مرجع سابق).
(٢) تفسير القرآن العظيم ١/ ٣٤٣، (مرجع سابق).
(٣) تفسير القرآن العظيم ١/ ٣٦٨، (مرجع سابق).
(٤) المرجع السابق نفسه: ١/ ٣٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>