للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ورد حول هذه الأحداث التاريخية ونحوها من قصص تؤكد عالميَّة الإسلام، وكونها من خصائص تميز الأُمَّة الإسلاميَّة (ومهما أحاط بها من زيادة أو نقصان في سياق الروايات وتفاصيلها وتواريخها ونصوصها وأسماء أعلامها، فإنَّ كل ذلك لا ينهض لتكذيب الحادث، بل الثابت أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عقب هدنة الحديبية مع قريش وما أعقبه من انتصارات على اليهود، ونزول بعض الآيات التي أمرت الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بنشر دعوته في الناس) (١) كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧].

وعلى الرغم مِمَّا أورده المفسرون حول زمن نزول هذه الآية إلَّا أن ابن كثير رجَّحَ أنها مدنية ومن أواخر ما نزل بالمدينة، إذ قال: (والصحيح أنّ هذه الآية مدنية بل هي من أواخر ما نزل بها، واللَّه أعلم) (٢).

فمن الثابت أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- (بادر إلى إبلاغ دعوته ورسالته إلى من هم خارج بيئته الخاصة) (٣)، والمرجح أن ذلك حدث عقب (صلح الحديبية مع قريش وما أعقبه من انتصارات على اليهود) (٤)، وكان الوقتُ مناسبًا لإبلاغ الناس بعامّة رسالة الإسلام، ولعل في قول اللَّه تعالى في نهاية الآية السابقة {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٦٧] ما يدلّ على صحة ما تقدم ذكره، وقد قال ابن كثير في تفسيرها: (وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} أي: بلغ أنت واللَّه هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء) (٥).


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٢٨٩.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٢/ ٧٩، (مرجع سابق).
(٣) محمد عزة دروزة: القرآن والمبشرون: ص ٢٨٩، (المرجع السابق نفسه).
(٤) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ٢٨٩.
(٥) تفسير القرآن العظيم ٢/ ٧٩، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>