للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإثبات الصانع فنقول: إنَّا لم نجد أهل دين من الأديان عنوا بتقديم المقدمات العقليَّة، لاستخراج النتائج النظريَّة، في استخلاص توحيد اللَّه تعالى من شبهات المعاندين، ومغالطات المغالطين -ما عُنيَ به متكلمو الإسلام فإنَّهم بلغوا فيه مبلغًا شهد المعنيون بالفلسفة، والمحققون من ذوي الحكمة، على تقدم شَأْوِهم في تحصيل الحق منه، وسلامتهم عن التشبيه الذي اعتقده اليهود، والتثليث الذي اعتقده النصارى، والضد (١) الذي اعتقده المجوس، والشرك الذي اعتقده عبدة الأوثان، حتى جردوا القول بالتصريح فقالوا: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: ٦٤]، ثُمَّ أُجْروا كلمة الإخلاص في دعائهم، حتى إنك تجد العملة، والصنَّاع، والمحاربة، والحرَّاثين يتنادون بها في البر والبحر، والسهل والجبل، ليلًا ونهارًا، ومساءً وصباحًا مصدقين به لما وصفوا في الكتب المنزَّلة بأنَّهم يملؤون الأرض تهليلًا، وتسبيحًا، وتكبيرًا، وتحميدًا، وأهل سائر الأديان لا يذكرونها إلَّا بالفرط النادر، وذلك قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: ٢٦] (٢).

إنَّ نتيجة هذه المقارنة التي أجراها العامري في إيمان الأُمَّة الإسلاميَّة باللَّه، وإيمان الأمم الأخرى؛ يبين خيريَّة الأُمَّة الإسلاميَّة وأفضليتها دون سائر الأمم، وإلى جانب هذه الخيريَّة والأفضليَّة فهي وسط بين الأمم في


(١) الضد هو الاعتقاد بإلهين أحدهما للخير والآخر للشر؛ لدى الزرادشتية، انظر في ذلك: الشهرستاني: الملل والنحل ١/ ٢٨٣، (مرجع سابق). وانظر: ابن الجوزي تلبيس إبليس: ص ٤٤، (مرجع سابق). وانظر: ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ١٤٣، تحقيق: ناصر عبد الكريم العقل، (مرجع سابق).
(٢) كتاب الإعلام بمناقب الإسلام. . ص ١٢٧ - ١٢٩، (مرجع سابق). وانظر: ابن تيمية: الجواب الصحيح. . . ٢/ ١٣٥ - ١٥٤ (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>