للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتناول أحد العلماء الوسطيَّة في الأخلاق الإسلاميَّة بإحاطة وشمول فيقول: (وكل الفضائل منحصرة في التوسط بين الإفراط والتفريط، فإنَّ رؤوس الفضائل؛ الحكمة والعفَّة والشجاعة والعدالة، فالحكمة نتيجة تكميل القوة العقليَّة، وهي متوسطة بين (الجربزة) (١) والغباوة، فتوسطه أن تنتهي القوة العقليَّة إلى حد يُمكن للعقل الوصول إليه، ولا يتجاوز عن الحد الذي وجب أن يتوقف عليه، ولا يتعمق فيما ليس من شأنه التعمق، كالتفكير في المتشابهات والتفتيش في مسألة القضاء والقدر، والشروع بمجرد العقل في المبدأ والمعاد كما هو دأب الفلاسفة والعفَّة هي نتيجة تهذيب القوة الشهوانيَّة، وهي متوسطة بين الخلاعة والجمود، والشجاعة نتيجة تهذيب القوة الغضبيَّة وهي متوسطة بين التهور والجبن، وإنَّما يحمد فيها التوسط؛ لأن النفس الحيوانية هي مركب للروح الإنسانية، فلا بد من توسطها لئلا تضعف عن السير، ولا تجمع بل تنقاد للروح، ثُمَّ التوسط في هذا المجموع أي الحكمة والعفة والشجاعة هي العدالة،. . . فلهذا فسر الوساطة بالعدالة، فالعدالة تقتضي الرسوخ على الصراط المستقيم، وتنفي الزيغ عن سواء السبيل) (٢).

وخلاصة القول: أن الوسطيَّة تعد من خصائص تميز الأُمَّة الإسلاميَّة،


(١) كلمة معربة تدل على الخب والخداع؛ انظر: أبا الحسن مسكويه: المرجع السابق نفسه: ص ٤٦ "الحاشية".
(٢) سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني: شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح فىِ أصول الفقه: ٢/ ٤٨، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، (بدون تاريخ)، وانظر: مسكويه: تهذيب الأخلاق. . ص ٤٥ - ٤٩، (المرجع السابق نفسه). وانظر: الراغب الأصفهاني: الذريعة إلى مكارم الشريعة: ص ٤٠٩ - ٤١١، ١٤٢ - ١٥٢، تحقيق: أبي اليزيد العجمي، الطبعة الثانية ١٤٠٨ هـ - ١٩٨٧ م، عن دار الوفاء للطباعة والنشر. . المنصورة - مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>