للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت الأبحاث الاستشراقية، ودراسات المستشرقين المتنوعة قد انتشرت في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، وتناولت الإسلام وتاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وادعى أصحابها أو معظمهم بأنَّها دراسات متجردة، وتتسم بالنزاهة والبحث العلمي المجرد عن التعصب الديني، وما يمليه من الهوى، والمحاباة العاطفية (١) (إلَّا أنَّ نظرة تحليلية في هذه الدراسات تثبت نقيض ما يدعي أصحابها، فالصورة المشوهة القاتمة للإسلام لا زالت كذلك في كلياتها، وإن طرأ تغير جزئي على بعض تفاصيلها، والدراسة التي تنتكب الموضوعية والنزاهة لا زالت هي السائدة الغالبة على هذا الحقل، وإن كان ثمة تغير فذلك مِمَّا تحتمه القاعدة المشهورة (اختلاف الأحكام باختلاف المصالح والأزمان) (٢).

إنَّ النظرة التحليلية الشاملة تدرك بأن دراسات المستشرقين لا تزال تدور في فلك تلك (الأفكار الجامحة التي كونتها أوروبا في فجر ولادتها الفكرية) (٣)، ومن الأمثلة على ذلك؛ ما قاله عدد من المستشرقين في الإسلام والقرآن والرسول وبخاصة فيما يتعلق بالنظرة الاستشراقية إلى وسطية الأُمَّة الإسلاميَّة:

أ- يقول (بروكلمان) عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن القرآن الكريم: (أعلن ما ظنَّ أنَّه سمعه كوحي من عند اللَّه) (٤).

ب- ويقول (توراندريه): (إن أفكار محمد غير متجانسة، وغير


(١) انظر: عرفان عبد الحميد: المستشرقون والإسلام. . . ص ١٧، (مرجع سابق).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ١٧.
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ١٧، (مرجع سابق).
(٤) تاريخ الشعوب الإسلاميَّة: ص ٤٠، (مرجع سابق). وانظر: عرفان عبد الحميد: المرجع السابق نفسه: ص ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>