للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضمار؛ حيث أخرج اللَّه الأُمَّة الإسلاميَّة وربطها ببعثة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنَّه آخر الأنبياء والمرسلين ورسالته الرسالة الخاتمة، (فكانت البعثة المحمَّديَّة بعثة مقرونة؛ بعثة نبي مرتبطة ببعثة أُمَّة، فإنَّ اللَّه سبحانه وتعالى يصف أمته بصفات لا تنطبق إلَّا على مبعوث -من غير نبوة- مأمور من اللَّه فيقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠]، ويقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣]،. . . وجاء في الحديث: "إنَّما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (١). . . وقد نيطت بهذه الأُمَّة مسؤولية الوصاية على العالم، والحسبة والأخلاق، والاتجاهات، وسلوك الأفراد والأمم، ومسؤولية القيام بالقسط والشهادة للَّه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتبار نفسها أُمَّة تسأل يوم القيامة عن مدى قيامها بهذا الواجب) (٢).

ثالثًا: ومِمَّا اكتسبه العالم من الأُمَّة الإسلاميَّة خلق الرفق والرحمة والتسامح، بعد أن حرَّرَ أممه من القهر والظلم والطغيان، وقد تبين في نقطة سابقة ما ناله الشرق وبخاصَّة الفرس من الخير والعدل والإحسان إبَّان حكم الأُمَّة الإسلاميَّة لهم وانتشار الإسلام فيهم، والآن تحسن الإشارة إلى بعض ما نالته الشعوب المحرَّرة من ربقة الاستعباد الرومي والبيزنطي من إيجابيَّة الأُمَّة الإسلاميَّة الخَيِّرَة، في مجال التسامح الديني، على سبيل


(١) أخرجه البخاري: صحيح البخاري، ولفظه: "فإنَّما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" ١/ ٨٩، كتاب الوضوء، الباب [٥٧] رقم الحديث [٢١٧]، تحقيق: مصطفى ديب البغا، (مرجع سابق).
(٢) الإسلام أثره في الحضارة وفضله على الإنسانية: ص ١٠٧، ١١٠، (مرجع سابق). وانظر: أبا الحسن العامري: كتاب الإعلام بمناقب الإسلام: ص ١٥١ - ١٦١، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>