للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقيدة الخطيئة والصلب والفداء والتثليث، ونحو ذلك من العقائد المنحرفة، حيث أصيب الإنسان تحت وطأتها باليأس من رحمة اللَّه وبسوء الظن بفطرته الإنسانية السليمة، فجاء الإسلام ليعيد للإنسان ثقته بفطرته السليمة، ومواهبه الطبيعية، إذْ (أعلن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بكل قوة وصراحة أن فطرة الإنسان هي كاللوح الصافي، الذي لم يكتب عليه بعد، ويُمكن أن ينقش فيه أروع نقش، ويحرر فيه أجمل تحرير، وأن الإنسان يستهل حياته بنفسه، ويستحق الثواب والعقاب والجنَّة والنار بعمله، وهو غير مسؤول عن عمل غيره، فقد ذكر القرآن في مواضع كثيرة أن الإنسان مسؤول عن عمله فحسب، وأنه مثاب ومشكور على سعيه: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم: ٣٨ - ٤١] (١).

وتحدث عن إيجابيَّة أخرى اضطلعت بها الأُمَّة الإسلاميَّة على غير مثال سابق؛ إذ يقول: (إنَّ مِمَّا شهد به التاريخ الإنساني الطويل وعلم النفس والأخلاق، أن الغايات والتعاليم الفاضلة والنماذج العملية الرفيعة، لا تقوم -وإذا قامت لا تدوم- إلَّا إذا كانت وراءها جماعة من البشر -وبالأصح أُمَّة من الناس- تحمل دعوتها، وترفع رايتها، وتجاهد في سبيلها وتمثلها عمليًّا) (٢).

وبعد أن يستعرض ما آلت إليه تعاليم بعض الرسل صلوات اللَّه عليهم، وأنها لم تعش طويلًا لعدم وجود الأُمَّة التي تحمل تلك التعاليم وتمثلها في حياتها (٣)، يؤكد خصيصة الأُمَّة الإسلاميَّة وإيجابية تميُّزها الخيِّرَة في هذا


(١) الإسلام أثره في الحضارة وفضله على الإنسانية: ص ٧١ - ٧٢، (مرجع سابق).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ١٠٦.
(٣) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>