للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليونان واللاتين فقط، ندرك على أيسر سبيل أن تأثير العرب البليغ في تاريخ مدنية أوروبا قد عم تجاهله) (١).

ويؤكد (لوبون) (أنَّه كان للمدنية الإسلاميَّة تأثير عظيم في العالم، وتم لها هذا التأثير بفضل العرب، بل بصنع العناصر المختلفة التي دانت بالإسلام، وبنفوذهم الأدبي هذبوا الشعوب البربرية التي قضت على الإمبراطورية الرومانية، وبتأثيرهم العقلي فتحوا لأوروبا عالم المعارف العلميَّة والأدبيَّة والفلسفية، وهذا ما كانت تجهله، وعلى ذلك كان العرب ممدّنينا وأساتذتنا مدّة ستمئة سنة) (٢).

وكان ثمة رد آخر خص به (غوستاف لوبون) المستشرقون (إرنست رينان) مفندًا زعمه أن الإسلام كان يقيم عائقًا حيال تقدم العلوم! ففي محاضرة ألقاها (رينان) في (السوربون) في ٢٩ آذار (مارس) ١٨٨٣ م، وضمنها فيما بعد كتابه: (الإسلام والعلم)، المطبوع في باريس سنة ١٨٨٣ م، أراد إثبات مناقضة الإسلام للعلوم، ولكنه لم يستطع أن ينكر ما اتفق للعلوم من ازدهار في البلدان الإسلاميَّة في قرون كثيرة، وبما كان لمفكري الإسلام من نفوذ دائم مارسوه في أوروبا في القرون الوسطى، ولكنه عزا ذلك التقدم والنفوذ إلى تقصير البيزنطيين في حفظ التراث العلمي، وإهمالهم له بباعث من تدينهم القائم على الجهل، فحالوا بذلك دون نفوذ الحضارة القديمة التي كانوا مؤتمنين عليها فى الغرب مباشرة. ولو كانوا حفظةً على هذه الحضارة علمًا بها وفهمًا لها وحرصًا على الاستفادة منها؛ لما كان هنالك اضطرار إلى تلك (الدورة العربيَّة) التي


(١) المرجع السابق نفسه: ١/ ٩.
(٢) المرجع السابق نفسه: ١/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>