للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرادة الإنسان من القيود التي طالما أبقته موثوقًا إلى إرادة أُناس آخرين، أو إلى إرادة قوى أخرى يدعونها خفية. لقد هوى الكهان، وحفظة الألغاز المقدسة الزائفون، وسماسرة الخلاص، وجميع أولئك الذين تظاهروا بأنَّهم وسطاء بين اللَّه والإنسان والذين اعتقدوا بالتالي أن سلطتهم فوق إرادات الآخرين، لقد هوى هؤلاء كلهم عن عروشهم. إنَّ الإنسان أمسى خادم اللَّه وحده، ولم تعد تشده إلى الآخرين من الناس غير التزامات الإنسان الحر نحو الإنسان الحر، وبينا قاسى الناس في ما مضى مظالم الفروق الاجتماعية أعلن الإسلام المساواة بين البشر، لقد جُعِلَ التفاضل بين المسلمين، لا على أساس من المحتد أو أي عامل آخر غير شخصية المرء، ولكن على أساس من خوفه اللَّه وأعماله الصالحات، وصفاته الخلقية والفكرية ليس غير. . .) (١).

ولعله من المسلمات والبدهيات أن يقال: إنَّ الأُمَّة الإسلاميَّة كلما التزمت الإسلام، واستلهمت قيمه وتعاليمه حققت بذلك إحدى الخصائص الملازمة لتميُّزها، وهي خصيصة الإيجابية الخيِّرَة، وكلما نكصت عن تلك القيم والتعاليم ارتكست في دركات التخلف والانحطاط، وخسر العالم بانحطاطها خسائر فادحة (٢).

* * *


(١) ص ٢٤ - ٢٥، نقلًا عن عماد الدين خليل: قالوا عن الإسلام: ص ٢٠٦، (مرجع سابق). وقد وردت عبارة (حرر، وأطلق) مؤنثة ولكن السياق يدل على التذكير، وهو ما أثبته في المنقول، وأحطتها بالقوس المركنة [. . .].
(٢) تساءل أبو الحسن الندوي عن خسارة العالم بانحطاط المسلمين، وألف كتابًا تحت هذا العنوان رصد فيه ما نال العالم من خسائر فادحة بسبب انحطاط المسلمين، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>