للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا إذا أطلقت الأمة على الزمان أو المكان، فإنَّ المقصود بها ظرف الأمة.

رابعًا: الجوانب التي استعمل فيها مدلول (أُمَّة) في القرآن الكريم، ورد لفظ (أُمَّة) في القرآن الكريم ليدل على الجوانب الآتية:

١ - الجانب التكويني باعتبار تعدد أصناف الخلق، من حيث الأصل والنوع والمنشأ والمرجع، ومنه قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} (١) [الأنعام: ٣٨].

٢ - الجانب الاجتماعي، ومنه قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)} [الزخرف: ٢٢]، والآية بعدها: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٣]، قال الراغب: (أي على دين مجتمع) (٢)، وهذا يعطي لفظ (أُمَّة) المحتوى الاجتماعي.

٣ - الجانب الديني، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)} [الأنبياء: ٩٢]، قال الطبري في تفسيرها: (يقول تعالى ذكره: إنَّ هذه ملَّتكم مِلَّة واحدة، وأنا ربُّكم أيُّها الناس فاعبدوني دون الآلهة والأوثان، وسائر ما تعبدون من دوني) (٣).

وقال البغوي في قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ}: (أي: ملتكم ودينكم) {أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: دينًا واحدًا وهو الإسلام، فأبطل ما سوى


(١) وانظر: ما يتعلق بالكوني والشرعي لدى ابن تيمية: الجواب الصحيح: (١/ ١٥٤، ١٥٥)، (مرجع سابق)، وانظر: فتاواه: (٨/ ٥٨ - ٦٢)، (مرجع سابق).
(٢) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن: ص: (٨٦)، (مرجع سابق).
(٣) جامع البيان في تأويل القرآن: (٩/ ٨١)، الطبعة الأولى: (١٤١٢ هـ)، عن دار الكتب العلمية - بيروت. وانظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (٣/ ١٩٤)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>