للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لأنْ يأخذ أحدكم حبله ثُمَّ يغدو -أحسبه قال- إلى الجبل، فيحتطب، فيبيع، فيأكل ويتصدق، خير له من أن يسأل الناس" (١).

ب- الزيادة والنماء في المال المزكى، وإن كانت الزكاة في ظاهرها، تنقص المال باعتبارها أخذت بعضه، إلَّا أن الزكاة -بموعود اللَّه- سببٌ لزيادة المال ونموه ومضاعفته، قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩]، وقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-: "ما نقصت صدقة من مال" (٢) وأخرج الإمام أحمد عن أبي كبشة الأنماري قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ثلاث أقسم عليهن. . . ما نقص مالَ عبدٍ صدقة، ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر إلَّا زاده اللَّه -عز وجل-، ولا يفتح عبدٌ بابَ مسألة إلَّا فتح اللَّه له باب فقر" (٣).

ج- ومن آثار الزكاة أنها تعمل على كسر حدَّة الفوارق بين فئات المجتمع المسلم، ومع أنَّ نظام الإسلام الاقتصادي يقدر (التفاوت الفطري في الأرزاق بين الناس، وأنَّه ناشئٌ لا عن تفاوت فطري آخر في المواهب، والملكات، والقدر، والطاقات، لكن هذا التفاوت الفطري في الرزق ليس معناه أن يدع الغني يزداد غنًى، والفقير يزداد فقرًا، فتتسع الشقة بين الفريقين، ويصبح الأغنياء طبقة تعيش في أبراج من العاج، ويصبح الفقراء


(١) صحيح البخاري ١/ ٥٣٨، ٥٣٩، كتاب الزكاة، باب [٥٢] الحديث رقم [١٤١٠]، تحقيق: مصطفى ديب البُغا، (مرجع سابق). وقبل هذا الحديث وردت عدّة أحاديث تنهى عن المسألة وتحث على العمل والعفّة والقناعة، وبعضها يجيز قبول ما جاء في المال من غير استشراف إليه ولا سؤاله.
(٢) أخرجه مسلم: صحيح مسلم: ٤/ ٢٠٠١، كتاب البر والصلة والآداب، باب [١٩]، الحديث رقم [٢٥٨٨]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق).
(٣) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٤/ ٢٣١، ورقم الحديث [١٧٥٧٠]، ترتيب: دار إحياء التراث العربي، (٥/ ٢٧٣)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>