للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتقاده مال اللَّه، وهو مستخلف فيه مسؤول عنه، وأن عليه فيه حقوقًا متنوعة {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٥]، ابتغاء مرضاة اللَّه والفوز بثوابه، فيخرجه أداءً للواجب وبراءة للذمَّة من غير استعلاء ولا منَّة، بل عبادةً للَّه وشكرًا واستشعارًا للبركة التي يرجو أن يطرحها اللَّه في ماله، ويأخذه الفقير والمستحق بصفة مشروعة، والمنَّة في ذلك والشكر للَّه، مع الشعور بالأخوة الإسلاميَّة التي أوجبت له في مال أخيه ما يسهم في سد حاجته.

يقول الماوردي عن الزكاة هي: (مواساة للفقراء، ومعونة لذوي الحاجات تكفهم عن البغضاء، وتمنعهم من التقاطع، وتبعثهم على التواصل) (١).

وفي هذا السياق فإنَّ الإسلام تفرد في نظام الزكاة ونحوها من النفقة والصدقة والكرم والإيثار بآداب سامية، حيث نهى الباذل أن يلحق ما بذله شيئًا من الأذى والمنَّة ونحوهما، وذهب بعض العلماء إلى أن المنّ من كبائر الذنوب (٢).

ومن الآداب التي أرشد الإسلام الفقير إليها أن يشكر اللَّه أولًا ثُمَّ يشكر من أعطاه، ويدعو له، ويثني عليه، ولا يستصغر المبذول له أو يذمه، كما أنَّ عليه ألا يأخذ إلَّا بقدر حاجته ولا يستكثر بما يعطى، وأن يعتمد على اللَّه ثُمَّ على نفسه فيجدّ ويجتهد للكسب من عمله، وهذا ما حثَّ عليه الإسلام، أخرج البخاري عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:


(١) أدب الدنيا والدين: ص ٧٣، طبعة دار الصحابة القاهرة، (بدون تاريخ)، وانظر: أحمد عبد الرحمن إبراهيم: الفضائل الخلفية في الإسلام: ص ٢٠٣، ٢٠٤، (مرجع سابق).
(٢) انظر: أحمد عبد الرحمن إبراهيم: المرجع السابق نفسه: ص ٢٠٧ - ٢٠٨، وانظر: شمس الدين المقدسي: الآداب الشرعية ١/ ٣٣٦، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخر، الطبعة الثانية: ١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م، عن مؤسسة الرسالة، بيروت، حيث قال: "ويحرم المنُّ بما أعطى، بل هو كبيرة على نص أحمد -رضي اللَّه عنه-)، واستشهد على ذلك بحديث أخرجه الإمام أحمد، وآخر أخرجه مسلم. انظر: المرجع السابق نفسه: ١/ ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>