للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متضرعًا حامدًا له مثنيًا عليه مستغرقًا مستقبلًا لعثراته، ولذا روي عن أم المؤمنين (عائشة) -رضي اللَّه عنها-، أنَّها قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من يوم أكثر من أن يعتق اللَّه فيه عبدًا من النَّار من يوم عرفة" (١)، وبالطواف حول البيت يكون الحاج بمنزلة عبد معتكف على باب مولاه، لائذ بحماه، وفي هذا ترويض للنفس، وتعويد لها على أنه ينبغي للإنسان ألا يلجأ إلَّا للَّه تعالى لا لأحد سواه مهما كان) (٢).

وللحج منافع وآثار تخص الفرد وتعم الأُمَّة، ومن أبرزها الآتي:

أ- منافع وآثار ينتفع بها الفرد وتؤثر في حياته بعمق وإيجابيَّة فالحج بمثابة (شحنة روحيَّة كبيرة يتزود بها المسلم، فتملأ جوانحه خشية وتقى اللَّه، وعزمًا على طاعته، وندمًا على معصيته، وتغذي فيه عاطفة الحب للَّه ولرسول اللَّه، ولمن عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، وتوقظ فيه مشاعر الأُخوَّة لأبناء دينه في كل مكان، وتوقد في صدره شعلة الحماسة لدينه والغيرة على حرماته) (٣).

ويؤثر الحج على أخلاق الفرد وسلوكه بعد أداء هذه الفريضة فينتقل من (حالة إلى حالة (ويظهر) بنعمة الأخلاق الفاضلة، الطاهرة الخالصة، من كل الشوائب؛ لأنّ الحاج إذا قصد الحج يتوب إلى اللَّه ويعزم على ألا


(١) أخرجه مسلم: صحيح مسلم ٢/ ٩٨٣، كتاب الحج، باب [٧٩] الحديث رقم [١٣٤٨]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق).
(٢) محمد سالم محيسن: أركان الإسلام ص ٢٢٦، (مرجع سابق).
(٣) يوسف القرضاوي: العبادة في الإسلام: ص ٢٨٧، (مرجع سابق). وانظر: محمد حسن أبو يحيى: أهداف التشريع الإسلامي: ص ٣٧٠، (مرجع سابق). وانظر: محمد بن أمين أبو بكر: العبادة وأثرها. . . ص ١٢٥، مجلة كلية الشريعة وأصول الدين بالجنوب (المرجع السابق نفسه)، ولم يشر لمرجعه فيما نقل عن القرضاوي قد تكرر منه ذلك في مواضع كثيرة من مقاله المشار إليه دون أن يعزو ما أخذه من القرضاوي إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>