سلامة عباداتها وشعائرها، وتحدث من البلبلة والتشويش ما يتعارض مع غايات الحج ومقاصده التي أمر اللَّه بتعظيمها، وجعل ذلك من تقوى القلوب {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}[الحج: ٣٠]، {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: ٣٢].
أن الحج -شأنه شأن العبادات الإسلاميَّة- محدد الغاية محدد الوسيلة، ولا يصح بحال: أن تدخل في العبادات الإسلاميَّة أي بدعة؛ لأنَّ ذلك يخرج بها من منهجها الربَّاني التوقيفي، أمَّا ما يظهر من مقاصد سياسيَّة لهذه العبادة العظيمة فإنَّ ذلك يأتي ضمنًا لما تميَّزت به العبادات الإسلاميَّة من شمول لأمور الدنيا والآخرة، بيد أنّ الحج بخاصَّة ينبغي أن يتم تطبيقه وفقًا لقوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}[البقرة: ١٩٧].
جاء في تفسيرها لدى بعض المفسرين:(والجدال. . . هو: المماراة والمنازعة، والمخاصمة، لكونها تثير الشر وتوقع العداوة، والمقصود من الحج: الذل والانكسار للَّه، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات، فإنَّه بذلك يكون مبرورًا، والمبرور ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان، فإنَّه يتغلظ المنع عنها في الحج)(١).
ج- والحج منافع يفيد منها الأفراد وتفيد منها المجتمعات الإسلاميَّة قاطبة، ويتمثل ذلك في تبادل (المنافع الماديَّة بين المسلمين جميعًا على مختلف أجناسهم وألوانهم، فالمنافع الماديَّة ليست كل مقاصد الحج بل بعض مقاصده، وهي لا تخص أهل الحجاز بل تعم جميع المسلمين. . . . روى
(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن ١/ ٢٤٤، (مرجع سابق).