للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحديات بما يعنيه من خضوع وذلَّة للَّه، وأنَّ الأُمَّة منساقة إلى العبوديَّة للَّه بدواعي الفطرة ومقتضيات السنن الإلهية في النفوس البشريَّة (١).

ويأتي تبعًا لهذه العبودية التي هي المقصد الأول للحج ما تظهر به الأُمَّة في خلال الحج وشعائره من كونها (قوة سياسيَّة ضخمة) (٢)، ويتمثل ذلك كما عبَّرَ عن الحج أحد الباحثين قائلًا: (بوصفه مؤتمرًا سياسيًّا دوريًّا يجتمع فيه كل قادة الدول الإسلاميَّة، ورجال الرأي وعلماؤها في كافة أنواع المعرفة، كتابها، وملوك الصناعة فيها، وتجارها وشبابها وشيوخها، ليضعوا خطوطًا عريضة لسياسة بلادهم وتعاونها معًا عامًا بعد عام) (٣).

فهو: (مؤتمر عالمي في عالم الإسلام لتوحيد أهداف المسلمين، وتوجيههم إلى مصادر الحياة الصحيحة بما يقتبسه بعضهم من بعض الثقافات، ويمد قسم منهم قسمًا آخر بالفكر الثاقب، لبلوغ السيادة في كل مجالات الحياة كي لا يركن كلٌّ نحو السراب، ولا يخضع لنزوات وشهوات نفر تنقصهم تجربة الحياة، ويفوتهم الحرص على مستقبل الأُمَّة) (٤).

وممَّا ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق أنَّ بعض التفسيرات للحج تأتي من خارج واقع العبادة، فتحمل معها بعض المحظورات، كالتعبير عن الحج بأنَّه برلمان إسلامي، أو مؤتمر، كالمؤتمرات المعهودة في التصورات السياسيَّة الحديثة، أو انتهاز فرصة لرفع شعارات ذات بريق خادع أو مذاهب ضالَّة أو عقائد منحرفة تمزق وحدة الأُمَّة، وتؤثر على


(١) انظر: مصطفى إبراهيم الزلمي: فلسفة الشريعة: ص ٣٠، ٣١، (مرجع سابق).
(٢) مصطفى إبراهيم الزلمي: فلسفة الشريعة: ص ٣٠، (المرجع السابق نفسه).
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ٣٠. وانظر: يوسف القرضاوي: العبادة في الإسلام: ص ٢٩٢ - ٢٩٥، (مرجع سابق). وانظر: محمد حسن أبو يحيى: أهداف التشريع الإسلامي: ص ٣٧٦ - ٣٧٨، (مرجع سابق).
(٤) مصطفى إبراهيم الزلمي: المرجع السابق نفسه: ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>