للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوحدة الأمَّة وعظمتها وقيمها ومثلها العليا، ويتجلَّى ذلك (عندما يقف الحجاج على صعيد واحد لابسين نوعًا واحدًا من الملابس متوجهين إلى مكان واحد، خاضعين لنظام واحد، خاشعين لرب واحد، طالبين هدفًا واحدًا، ففي هذه الحالة يشعرون بأن كلهم سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلّا بالتقوى وتحقيق مصالح البشرية) (١).

ويأتي الحج من حيث اجتماع الأمَّة فيه ممثلًا لاجتماعها الأكبر في كل عام حيث (يتدرج الاجتماع بين المسلمين من اجتماع الحيِّ (الواحد) لأداء الصلوات الخمس، إلى اجتماع البلدة في الجمعة وعيد الفطر، ثُمَّ يكون الاجتماع الأكبر في عرفة حيث يجتمع الحجيج من شتّى بقاع الأرض مُلبِّين نداء أبيهم إبراهيم الخليل عليه السلام) (٢).

وهذا الاجتماع يحقق للأُمَّة منافع شاملة، قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨]، (فجمع بين الدين والدنيا في ركن عظيم من أركان الإسلام، وهو فرصة لاجتماع المسلمين وولاة الأمر من الحكام في مؤتمر موسع يتشاورون فيه، ويتبادلون الرأي حول قضاياهم العامَّة والخاصَّة) (٣)، ومهما كان ضعف الأُمَّة الإسلاميَّة وجور الأمم الأُخرى عليها فإنَّ الحجَّ يبرهن على قوة الأُمَّة في مواجهة كل


(١) مصطفى إبراهيم الزلمي: فلسفة الشريعة: ص ٣١، (مرجع سابق). وانظر: محمد عوض الهزايمة: التيسير في فقه العبادات: ص ١٣٧، ١٣٨، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م، عن دار عمان - الأردن، وانظر: محمد حسن أبو يحيى: أهداف التشريع الإسلامي: ص ٣٧٣، ٣٧٤، (مرجع سابق).
(٢) عبد الرحمن بن عبد الكريم العُبيِّد: أصول المنهج الإسلامي: ص ٦٥، (مرجع سابق).
(٣) عبد الرحمن بن عبد الكريم العُبيِّد: المرجع السابق نفسه: ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>