للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (جولدزيهر) (١) وغيرهما من المستشرقين تعني الانحراف بتميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة في مجال عقيدتها وعبادتها إلى الطرائق الفلسفية التي أفسدت العقائد النصرانية والعبادات فيها، وحولتها إلى مفاهيم خاطئة وممارسات شاذَّة، وإذا كان لقول (آدم متز) مصداقية في واقع تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة حيث انحرفت بعض الفرق الإسلاميَّة عن جادة الإسلام إلى الرهبانية النصرانية، فإنَّ ذلك ليس تغييرًا في الإسلام ذاته، وإنَّما في واقع تلك الفرق، أمَّا الإسلام فقد حفظه اللَّه من التبديل والتغيير، ممثلًا في الأُمَّة الإسلاميَّة؛ (أُمَّة الاتباع) وفقًا لما أخبر به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عن افتراق الأُمَّة، والتزام أُمَّة الاتباع بما كان عليه هو وصحابته الكرام (٢).

٨ - أمَّا ما ذهب إليه (مونتغمري وات) حول تنوع المسميات التي تطلق على المسلم وعلى الأُمَّة الإسلاميَّة مثل (حنيف) و (حنيفية) و (مؤمن) و (مؤمنين) و (مسلم) و (مسلمين) وكذلك ما قاله عن (التزكي) فإنَّ ذلك مردود من وجوه عدَّة، منها:

أ- لا تعارض بين هذه المسميات بل هي -كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- أسماء متعددة لدين واحد: (يسمى إيمانًا وبرًّا وتقوى وخيرًا ودينًا وعملًا صالحًا مستقيمًا، ونحو ذلك. . . وهو في نفسه واحد، لكن كل اسم يدل على صفة ليست هي الصفة التي يدل عليها الآخر، وتكون تلك الصفة هي الأصل في اللفظ والباقي. . تابعًا لها لازمًا لها، ثُمَّ صارت دالَّة عليه بالتضمن) (٣).


(١) انظر: عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين: ص ٣٦٧، (مرجع سابق). وانظر: محسن عبد الحميد: تجديد الفكر الإسلامي ص ٥١، (مرجع سابق)، حيث ذكر أنَّ (جولدزيهر) و (نيكلسون) ذهبا إلى القول بتأثير الرهبانية النصرانية على الأمَّة الإسلامية ممثلًا في مظاهر الصوفية لدى المسلمين.
(٢) انظر: ص ٩٨ - ١٠٢ (البحث نفسه).
(٣) كتاب الإيمان: ٧/ ١٥٥، من (مجموع فتاوى شيخ الإسلام)، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>