للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من البدهيات العقليَّة التي يتفق عليها جمهرة الناس ولا تقوم لمعترض عليها أدنى حُجَّة، يقول أحد الباحثين في سياق الرد على هذه المقولة: (إنَّ هؤلاء المستشرقين يعرفون ويعرف غيرهم أنّ الشيء قد يسمى بعدة أسماء، ويوصف بعدة أوصاف من غير تعارض، ولا يلزم من وجود أحدهما انتفاء الآخر، فمثلًا (جولدزيهر) يهودي ومجري وإنسان ورجل، ولا يلزم من وجود هذه الأوصاف جميعًا أن يكون أحدها معارضًا للآخر. . . وكذلك ما جاء به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسمى بالإسلام، ويسمى بالإيمان والحنيفية، وغير ذلك، وليس في ذلك تعارض) (١).

ب- وإذا كان المستشرقون ينتزعون من تنوع هذه المسميات ما يستدلون به على محاكاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل الكتاب في عباداتهم ومداهنته لهم وبخاصة اليهود بعد هجرته إلى المدينة، وأنَّه استخدم في سبيل ذلك مسمى (المؤمنين) ليدخلوا فيه بعد أن اقتبس كثيرًا من شعائرهم في العبادة وطقوسها، ثُمَّ استخدم مسمى (التزكي)، وبعد يأسه من دخول اليهود والنصارى دينه ومصادمة اليهود لدعوته استخدم مصطلح (حنيف) و (حنيفية) ثُمَّ حلَّ مصطلح (مسلم) و (مسلمين) محلَّه فيما بعد؛ فإنَّ هذا الاستدلال متهافت وساقط من الناحية التاريخية، ومن الناحية العقليَّة، ذلك أنَّ منطق التاريخ ينسفه من أصله؛ حيث إنَّ هذه المسميات والمصطلحات قد أطلقت على دين الإسلام وأمته قبل الهجرة.

وعلى سبيل المثال فإنَّ مسمى (التزكي) وإن لم يكن علمًا على دين الإسلام (كحنيف) و (حنيفية) قد جاء في بعض الآيات التي نزلت في مكة قبل الهجرة كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} [الأعلى: ١٤]، كذلك مصطلح


(١) زيد العبلان: الدراسات الاستشراقية في ضوء العقيدة الإسلاميَّة: ص ٤٢٥، ٤٢٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>