للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولئن كان الحديث يطول في هذه الفروق والدلالات عند افتراق مسمى الإسلام والإيمان والإحسان واقترانها؛ فإنَّ ما يتصل بهذا الرد في هذه النقطة هو أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (جعل الدين ثلاث درجات أعلاها (الإحسان) وأوسطها (الإيمان) ويليه (الإسلام) فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسنًا، ولا كل مسلم مؤمنًا) (١).

وعلى هذا فإنَّ تعدد المسميات والمصطلحات التي توقف عندها (مونتغمري وات) تدلُّ على تحقيق العبودية للَّه وحده لا شريك له، وأدائها في أنصع صورة وأكملها، وهذا من أهم أهداف تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة.

٩ - وحادثة تحويل القبلة إلى بيت اللَّه الحرام بمكة جاء استجابة لأمر اللَّه جل وعلا من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن أمته؛ لأن استقبال بيت المقدس كان أمرًا من اللَّه -على الأرجح من أقوال العلماء (٢) - وكان صرف القبلة عنه إلى الكعبة أمرًا من اللَّه بالوحي والقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد ذكر العلماء أن أول نسخ في القرآن كان نسخ القبلة، وقالوا: إن استقبال الكعبة في بيت اللَّه الحرام بمكة المكرمة قطعي الدلالة، قطعي الثبوت (٣).

وقد استفاضت كتب السنة والسيرة وغيرها من المصادر الإسلاميَّة بذكر هذه الحادثة الكبيرة في تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة: ١٤٣]، ولا يُمكن هنا ذكر تفصيلاتها وما يستفاد منها من عبر وعظات ومقاصد عدّة بشكل مفصل، ولكن يكفي القول بأن هذه


(١) المرجع السابق نفسه: ص ٧.
(٢) انظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ١/ ١٨٩، (مرجع سابق).
(٣) انظر: جميل المصري: أثر أهل الكتاب في الفتن والحروب الأهلية. . . ص ٨٣، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>