للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: ٥٠] ثُمَّ ذكر الإهباط فقال: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة: ٣٦] أي: مسكن وقرار، {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: ٣٦] انقضاء آجالكم، ثُمَّ تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها، وخلقت لكم، ففيها أنّ مدة هذه الحياة مؤقتة عارضة، ليست مسكنًا حقيقيًا، وإنَّما هي معبر يتزود منها لتلك الدار، ولا تعمر للاستقرار. . . {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} [البقرة: ٣٨] أي: أي وقت وزمان جاءكم مني، يا معشر الثقلين، هدًى أي: رسول وكتاب يهديكم لما يقربكم مني، ويدنيكم مني، ويدنيكم من رضائي، فمن تبع هداي منكم، بأن آمن برسلي وكتبي، واهتدى بهم، وذلك بتصديق جميع أخبار الرسل والكتب، والامتثال للأمر والاجتناب للنهي {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٣٨]، وفي الآية الأخرى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: ١٢٣]؛ فرتَّب على اتباع هداه أربعة أشياء: نفي الخوف، والحزن، وإذا انتفيا ثبت ضدهما، وهو الهدى والسعادة، فمن اتبع هداه، حصل له الأمن والسعادة الدنيوية والأخروية، والهدى، وانتفى عنه كل مكروه، من الخوف، والحزن، والضلال، والشقاء، فحصل له المرغوب، واندفع عنه المرهوب، وهذا عكس من لم يتبع هداه) (١).

يتبين من هذا ونحوه: أنَّ الاستخلاف ينطوي على شيء من الابتلاء والامتحان، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٦٥]، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: ١٤]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا} [فاطر: ٣٩] (٢).


(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: ١/ ٧٥، ٧٦، ٧٧، (المرجع السابق نفسه).
(٢) وانظر أقوال المفسرين في تفسير هذه الآيات لاستجلاء ما ينطوي عليه الاستخلاف من =

<<  <  ج: ص:  >  >>