للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شروطه، وعلى سبيل المثال فإن ابن تيمية يقول: (ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي بالصراط المستقيم، وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود، ولابُدَّ في ذلك من الرفق. . . ولابُدَّ أيضًا من أن يكون حليمًا صبورًا على الأذى، فإنَّه لابُدَّ أن يحصل له أذى، فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مِمَّا يصلح) (١).

ثُمَّ يخلص إلى القول: (فلابد من هذه الثلاثة: العلم والرفق والصبر، والعلم قبل الأمر والنهي والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مستصحبًا في هذه الأحوال) (٢).

وفي موضع آخر قال: (ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر، وإذا كان هو من أعظم الواجبات والمستحبات فالواجبات والمستحبات، لابد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة، إذ بهذا بعثت الرسل، ونزلت الكتب، واللَّه لا يحب الفساد بل كل ما أمر اللَّه به فهو صلاح، وقد أثنى اللَّه على الصلاح والمصلحين، والذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذم المفسدين في غير موضع، فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن مِمَّا أمر اللَّه به، وإن كان في ترك واجب وفعل محرم، إذ المؤمن عليه أن يتقي اللَّه في عباده، وليس عليه هداهم) (٣).

بيد أنَّ شيخ الإسلام أشار إلى جانب له أهميته في التوسط في هذا المبدأ والتجرد في النظرة إلى إنفاذه تحقيقًا لأمر اللَّه، وطاعة له عز وجل، ولئلا يتخاذل المسلمون في القيام بهذا المقوم من مقومات استخلاف الأُمَّة الإسلاميَّة، قال: (وليعلم أن الأمر بهذه الخصال في الأمر بالمعروف


(١) الحسبة في الإسلام: ص ٨٣، تحقيق: سيد بن محمد بن أبي سعدة (مرجع سابق).
(٢) المرجع السابق نفسه: ص ٨٤.
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ٧٣، ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>