للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهي عن المنكر مِمَّا يوجب صعوبة على كثير من النفوس، فيظن أنه بذلك يسقط عنه فيدعه، وذلك مِمَّا يضره أكثر مِمَّا يضره الأمر بدون هذه الخصال أو أقل، فإنَّ ترك الأمر الواجب معصية، فالمنتقل من معصية إلى معصية أكبر منها "كالمستجير من الرمضاء بالنار" (١).

ومن الضوابط التي حدّدها العلماء -في ضوء قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد- أنَّهم جعلوا ما يتعلق بإزالة المنكر باليد: راجعًا إلى ولي أمر المسلمين، وليس إلى الرعيَّة، ونصوا على أن يتم التغيير باليد وليس بالسيف والسلاح، إلَّا ما كان من باب التعزير العائد لرأي السلطان، وذكروا -كذلك- أنَّ الأمر بالمعروف لا يليق بكل أحد، وإنَّما يقوم به السلطان. . . وينصب له من يرى فيه الصلاح والأمانة؛ وللعلماء في هذا نصوص كثيرة منها ما ذكره الإمام الجويني في قوله: (الشرع كله أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، والدعاء إلى ذلك يثبت لكافة المسلمين إذا أقدموا على بصيرة، وليس للرعية إلَّا الوعظ والترغيب) (٢)، وقال البيهقي: (ينصب الإمام في كل بلدٍ رجلًا


(١) الحسبة في الإسلام: ص ٨٤، ٨٥، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: فضل إلهي: شبهات حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ص ٢٥ وما قبلها وبعده، حيث تعرض المؤلف لعدة شبهات مؤداها ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وردَّ عليها من وجوه كثيرة، ولكن يبقى الجانب الذي أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه-، مناطًا للاجتهاد في ضوء ما ذكره الإمام الشاطبي، وأشار إليها عبد المجيد النجار -فيما سبق ذكره-، وعن الحسبة وتطبيقاتها في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين؛ انظر: فضل إلهي: (الحسبة تعريفها، مشروعيتها، وحكمها) الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م، عن مكتبة المعارف. الرياض.
وانظر: له -أيضًا-: الحسبة في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين؛ -رضي اللَّه عنه-، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م، عن مكتبة المعارف - الرياض.
(٢) أبو بكر الخلَّال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دراسة وتحقيق: عبد القادر أحمد عطا: ص ٩٤، الطبعة الأولى: ١٣٩٥ هـ - ١٩٧٥ م، عن دار الاعتصام، جدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>