للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قويًّا، وأمينًا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقيم الحدود) (١) وذكر نحو هذا القرطبي (٢)، وأمَّا تغيير المنكر باليد وليس بالسيف والسلاح؛ فهو مرويٌّ عن الإمام أحمد بن حنبل -رضي اللَّه عنه-.

ويستنتج من هذه النقول نتائج كثيرة من أهمها:

• أن تغيير المنكر باليد من حق الإمام وليس من حق الرعيَّة، وفي هذا ترسيخ الأمن واستتبابه، والقضاء على الفوضى، وما يؤدي إليها من الاجتهادات القاصرة ونحوها.

• أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروط بالبصيرة، ولا تتأتى إلَّا بالعلم الشرعي والوعي الشامل لأوضاع المجتمع، مِمَّا يدل على أنه من مسؤولية العلماء، فلا يجوز لغيرهم القيام بذلك، ولضمان كفاءة من يقوم بهذه المهمة ينبغي أن تتم من خلال جهات رسميَّة بالكيفيَّة الملائمة للزمان والمكان في ضوء ما يراه ولاة أمر المسلمين، فيكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتكليف من الإمام.

وخلاصة القول: إنَّ الأُمَّة الإسلاميَّة هي المعنيَّة بما ورد في الآيتين (محل الاستشهاد)، وهذا ما عليه أكثر المفسرين، وفي تفسير الآية الثانية وهي قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} الآية.

قال ابن كثير: (هذا وعد من اللَّه تعالى لرسوله صلوات اللَّه وسلامه عليه بأنَّه سيجعل أمته خلفاء الأرض أي أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع العباد، وليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمنًا وحكمًا فيهم، وقد فعله تبارك وتعالى، وله الحمد والمنَّة فإنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يمت حتى فتح اللَّه


(١) المرجع السابق نفسه: ص ٩٤.
(٢) انظر: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٣١ (مرجع سابق). وانظر: البحث نفسه: ص ٢٧ - ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>