للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِمَّا يجدر ذكره أن (كونستانتان) وصف الإسلام بأنَّه نسق من النظم السياسية التي كانت تتسم بالعدوان والتحامل (١).

وفي هذا من الدلالات ما يؤكد أثر الاستشراق في التمكين للاستعمار، وأنَّه خدم الاستعمار -كما سبق بيان ذلك- قبل دخوله العالم الإسلامي، وأثناء سيطرته عليه وبعد خروجه منه (٢)، وقد تمثل ذلك في توفير المعلومات عن الأُمَّة الإسلاميَّة وعالمها أرضًا وسكانًا، وما يتعلق بذلك من جغرافية وعادات وتقاليد، ثُمَّ دعم الاستعمار بالمعلومات التي يستخدمها لإحكام سيطرته على الشعوب الإسلاميَّة (ولقد ازداد الدور الذي لعبه المستشرقون في القرنين التاسع عشر والعشرين نتيجة لازدياد قوة العلاقة بين أوروبا والشرق؛ إذ أصبح الشرق مجالًا للتنافس السياسي والاقتصادي الغربي، حيث كان الغربيون يبحثون عن أسواق جديدة، ومستعمرات جديدة، وموارد اقتصادية جديدة. . . وكان المستشرقون أثناء هذا كله يؤمنون بأنَّ (الشرق شرق) وأنَّه لا يتغير، وهذا أساس قوي لظهور النزعة العنصرية لدى عدد كبير منهم، وإن لم يكونوا جميعًا قد عبروا عن ذلك (بالصراحة نفسها) التي نجدها عند (رينان) الذي ينسب كثيرًا جدًّا من الأوصاف والنعوت غير الكريمة للساميين وغيرهم من الشرقيين المنحطين -حسب تعبيره- وقد شاعت هذه الآراء بسرعة في الثقافة الأوروبية) (٣).

وخلاصة القول: إن المستشرقين أو فئة منهم قد اصطبغت في دراساتهم عن الأُمَّة الإسلاميَّة بالصبغة الاستعمارية، وعن ذلك قال أحد الباحثين:


(١) انظر: الاستشراق: ص ١٠٧ (مرجع سابق).
(٢) انظر: علاقة الاستشراق بالاستعمار: ص ٣٠٢، ٣٠٤؛ (البحث نفسه).
(٣) أحمد أبو زيد: الاستشراق والمستشرقون، مجلة الفكر: ص ٥٥٢، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>