للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاريخ حتى تسترد مكانتها في القيادة والسيادة، وهي متمسكة بمقومات ذلك التميُّز وخصائصه وأهدافه.

إنَّ ما يهدف إليه هذا المشروع الاستشراقي الحديث في حقيقته، وفي نهاية تحليله هو إذابة تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة عن طريق تطوير الإسلام ذاته، وإيجاد صيغ جديدة لهذا التطوير انطلاقًا من ضغط ظروفها الداخلية، وبما يتلاءم مع معطيات الثقافة الغربية ومفاهيم الغرب وقيمه (١)، وليس ارتقاءً بحاضر الأُمَّة، وإنَّما هو كما قال أحد الباحثين: (قتل الشعور بالذات. . . في صورة فكر تلفيقي انتخابي مشوه ليس فيه ما يعكس عبقرية أهله. وليس فيه من التدفق الذاتي الذي يعين على انبعاث حضاري ويقظة فكرية، وإذا سلمنا بحقيقة: أن وجود الأُمَّة واستمرارها التاريخي مرهون بشعورها القوي والمتجدد بذاتها الممتدَّة في الزمان، أدركنا خبث هذه الدعوة من حيث إنَّها أرادت خلق حالة من الغربة والانفصام بيننا وبين تاريخنا الفكري والحضاري، لننتهي إلى خواء روحي وعقلي مدمر، وينتهي الأمر بنا إلى الانتحار الحضاري) (٢).

ويبدو أن هذا المشروع الاستشراقي هو الخيار الأخير للأُمَّة الإسلاميَّة -من وجهة النظر الاستشراقية- فها هو المستشرق (ك. كراج) رئيس تحرير مجلة العالم الإسلامي يعبر عن ذلك فيقول: (إن على الإسلام إمَّا أن يعتمد تغييرًا جذريًّا فيه، أو يتخلى عن مسايرة الحياة الحديثة) (٣).

وخلاصة القول: إنَّ الدراسات الاستشراقية -في جملتها- قد


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ١٩٢، وتتركز كتابات (جيب) حول هذه الغاية في كتابه: الاتجاهات الحديثة في الإسلام، (مرجع سابق).
(٢) عرفان عبد الحميد: دراسات في الفكر العربي الإسلامي: ص ٤٠، (مرجع سابق).
(٣) نقلًا عن محسن عبد الحميد: أزمة المثقفين تجاه الإسلام: ص ٢٩، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>