للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- لا تقتصر اللغة العربية على كونها وسيلة تعبير كما تذهب إليه البحوث النظرية في الغرب التي لا تفرق بين لغة وأخرى؛ لأنها كلها وسائل تعبير وتواصل وتفاهم وإنَّما تتميَّز اللغة العربية بأنها ذات مضامين (١) علميَّة ومنهجيَّة وموضوعيَّة وحضارية، وتميَّزت في ذلك كله بالبيان والسهولة والوضوح على الرغم مِمَّا قد يبدو من صعوبة تعلمها في بادئ الأمر (٢).

ويذكر الباحثون المختصون إنَّ واقعها (منحها نوعًا من التميُّز والتفرد إذ أكسبتها تجربتها الحضارية على مدى قرون ثروة هائلة من البنى، واحتبست تعابيرها في أرحامها قدرات خفيَّة على العطاء وعلى الإيحاء وعلى تنويع التعبير. . كما أكسبها انتشارها الواسع في بقاع فسيحة من الأرض وتفاعلها مع جماعات لغويَّة كثيرة ألوانًا من الغنى، تأثرًا وتأثيرًا، فهي إذًا ليست. . . اللغة الأوليَّة البدائية التي تحاول أن تصبو إلى مقاربة الحضارة أو ملاحقتها أو الاندماج فيها. . . وإنَّما هي اللغة ذات التجربة السابقة وما كان لظاهرة ما اجتماعية أو إنسانية أن تقوى على التخلي عن تجاربها السابقة، فهذه التجارب جزءٌ منها) (٣).

ومن أعظم تجاربها أنَّها خالطت لغات كثر (فلم تفسد في ألفاظها ولا في اشتقاقاتها، ولا في تراكيبها وأساليبها، أو في بيانها الدقيق المشرق،


(١) انظر: ابن فارس: الصاحبي في فقه اللغة. . ص ٧٧ - ٨١، (مرجع سابق)، وانظر: شكري فيصل: قضايا اللغة العربية المعاصرة. .، بحث مدرج في: من قضايا اللغة العربية المعاصرة، المرجع السابق نفسه: ص ٣٢.
(٢) انظر: جميل عيسى الملائكة: اللغة العربيَّة ومكانتها في الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة: ص ١٢٩، (مرجع سابق)، وانظر: محمد سعيد بن رسلان: فضل العربية: ص ٤٠ - ٤٤، (مرجع سابق).
(٣) شكري فيصل: قضايا اللغة العربيَّة المعاصرة: ص ٣٢، (المرجع السابق نفسه).

<<  <  ج: ص:  >  >>