للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعوب التي حكمها العرب اتحدت بفضل اللغة العربيَّة والدين الإسلامي، بتأثير قوة الشخصية العربيَّة من ناحية، وتأثير الروح الإسلاميَّة الفذَّة من ناحية أخرى، في وحدة ثقافية ذات تماسك عظيم) (١).

وأمَّا تخلف الأُمَّة الإسلاميَّة عن ركب الأمم الأخرى في ميادين الصناعة والعلوم، فليس مرجعه إلى قصور في اللغة العربيَّة وعدم كفايتها العلميَّة كما يدعي خصومها من المستشرقين وغيرهم؛ بل يرجع ذلك لعوامل كثيرة. . . منها:

أولًا: وهن الأمَّة. . . كما لحظ ذلك ابن حزم بقوله: (إنَّ اللغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط دولة أهلها ودخول غيرهم عليهم في مساكنهم، أو بنقلهم عن ديارهم واختلاطهم بغيرهم، فإنَّما يفيد لغة الأُمَّة وعلومها وأخبارها قوة دولتهم ونشاط أهلها وفراغهم، وأمَّا من تلفت دولتهم وغلب عليها عدوها، واشتغلوا بالخوف والحاجة والذل وخدمة أعدائهم فمضمونٌ منهم موت الخواطر، ورُبَّمَا كان ذلك سببًا لذهاب لغتهم، ونسيان أنسابهم وأخبارهم، وبيود علومهم، وهذا موجود بالمشاهدة معروف بالعقل ضرورة) (٢).

وقال أحد المفكرين المعاصرين في هذا المعنى: (الأُمَّة العزيزة تعتزُّ بلغتها، وتحرص على استقلالها كما تحرص على استقلالها العسكري والاقتصادي سواء، وتحترم قوانينها اللغويَّة وتتمسك بها) (٣).

ثانيًا: ما قام به الاستعمار في سبيل الحيلولة دون ممارسة اللغة العربيَّة وتغليب لغة المحتل عليها وتشجيع اللهجات العاميَّة، حيث رسم دهاقنة


(١) شمس العرب تسطع على الغرب، تعريب: إبراهيم بيضون وخر: ص ١٣، ١٤، (مرجع سابق).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام ١/ ٣٢، (مرجع سابق).
(٣) محمد بن سعيد رسلان: فضل العربيَّة ووجوب تعلمها على المسلمين: ص ٢٨، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>