للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نبه الرافعي إلى حملة الاستعمار على اللغة العربيَّة بقوله: (لا جرم كانت لغة الأُمَّة هي الهدف الأول للمستعمرين؛ فلن يتحول الشعب أول ما يتحول إلَّا من لغته، إذ يكون منشأ التحول من أفكاره وعواطفه وآماله، وهو إذا انقطع من نسب لغته انقطع من نسب ماضية، ورجعت قوميته صورة محفوظة في التاريخ، لا صورة محققة في وجوده، فليس كاللغة نسب للعاطفة والفكر؛ حتى إن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم فنشأ منهم ناشئ على لغة، ونشأ الثاني على الأخرى، والثالث على لغة ثالثة، لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء) (١).

ومِمَّا يؤكد اضطلاع الاستشراق بالأهداف الاستعمارية في إطار اللغة العربيَّة، وإسهام المستشرقين فيما فرضه الاستعمار من دعوات مضللة هدمت اللغة العربيَّة، وعملت على انحسارها من أرجاء العالم، واستبدلتها بالحروف اللاتينية أو اللغات واللهجات المحليَّة ما أبداه المستشرق الألماني (كامغماير) من سرور حينما رأى غياب السمت الإسلامي، وذهاب اللغة العربيَّة والحرف العربي من تركيا، فقال في شماتة واضحة (٢): (إنَّ قراءة القرآن العربي، وكتب الشريعة الإسلاميَّة قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينيَّة بالحروف العربيَّة) (٣).

* * *


(١) وحي القلم ٣/ ٣٣، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت، (بدون تاريخ).
(٢) انظر: السيد رزق الطويل: اللسان العربي والإسلام. .: ص ١٠٣، (المرجع السابق نفسه).
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>