وكذلك الإسلام والمسلم، إنَّما عرفت منه إسلام الشيء، ثُمَّ جاء في الشرع من أوصافه ما جاء، وكذلك كانت لا تعرف من الكفر إلَّا الغطاء والستر.
فأمَّا المنافق فاسم جاء به الإسلام لقوم أبطنوا غير ما أظهروه، وكان الأصل من نافقاء اليربوع، ولم يعرفوا في الفسق إلَّا قولهم (فسقت الرطبة) إذا خرجت من قشرها، وجاء الشرع بأنَّ الفسق: الإفحاش في الخروج عن طاعة اللَّه جلَّ ثناؤُه.
ومِمَّا جاء في الشرع: الصلاة، وأصله في لغتهم الدعاء، وقد كانوا عرفوا الركوع والسجود، وإن لم يكن على هذه الهيئة (كما بينه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وطبقه وأمر أمته أن تفعل فيه كفعله). . . والذي عرفوه منه. . . (طأطأ وانحنى)، وهذا وإن كان كذا فإن العرب لم تعرفه بمثل ما أتت به الشريعة من الأعداد، والمواقيت، والتحريم للصلاة، والتحليل منها.
وكذلك الصيام: وأصله عندهم الإمساك. . . ثُمَّ زادت الشريعة النيَّة، وحظرت الأكل والمباشرة، وغير ذلك من شرائع الصوم.
وكذلك الحج لم يكن عندهم غير القصد، وسبر الجراح. . .، ثُمَّ زادت الشريعة ما زادته من شرائط الحج وشعائره.
وكذلك الزكاة، لم تكن العرب تعرفها إلَّا من ناحية النماء، وزاد الشرع ما زاده. . .، وعلى هذا سائر (أمور) العمرة والجهاد، وسائر أبواب الفقه) (١).
(١) أبو الحسين أحمد بن فارس: الصاحبي (في فقه اللغة العربيَّة ومسائلها وسنن العرب في كلامها): ص ٧٩، ٨٠، ٨١، تحقيق: عمر فاروق الطبّاع، الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م، عن مكتبة المعارف - بيروت، وانظر: السيوطي: المزهر: ١/ ٢٩٤، ٣٠٣، (مرجع سابق)، وانظر: أبو عبد اللَّه الخوارزمي: مفاتيح العلوم حول أهميته =