للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتضح من هذا أنّ الإسلام رسَّخ مفاهيم، وحدَّد مصطلحات في مجال العقيدة والعبادة والشعائر الأخرى، وما يتصل بذلك من مفاهيم ومصطلحات في مجال المعاملات وسائر العلاقات والسلوك والأخلاق، وكل ذلك يرتكز على عقيدة التوحيد، ويهدف إلى إخلاص العبادة للَّه، وهو مع ذلك من وسائل تميُّز الأمَّة الإسلاميَّة (١).

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رؤية شاملة فيما يتعلق بمفاهيم الإسلام سواء في مجال العقيدة أو العبادة أو غيرهما مِمَّا يتصل بحياة الأُمَّة، وما كان منها قد حدده الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما ترك أمره للأُمَّة؛ فقام الصحابة الكرام بتحديد بعضه، وتُركَ بعضُه الآخر للأُمَّة الإسلاميَّة عبر تاريخها.

وعن ذلك قال: (الأسماء التي علق اللَّه بها الأحكام في الكتاب والسنّة منها: ما عرف حده ومسماه بالشرع، فقد بينه اللَّه ورسوله: كاسم الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والإيمان، والكفر، والنفاق، ومنه ما يعرف حده باللغة: كالشمس والقمر، والسماء والأرض، والبر والبحر، ومنه ما يرجع حده إلى عادة الناس، وعرفهم فيتنوع بحسب عاداتهم، كاسم البيع، والنكاح، والقبض، والدرهم، والدينار، ونحو ذلك من الأسماء التي لم يحدها الشارع بحد، ولا لها حد واحد يشترك فيه جميع أهل اللغة، بل يختلف قدره وصفته باختلاف عادات الناس؛ فما كان من النوع الأول فقد بينه اللَّه ورسوله، وما كان من الثاني والثالث فالصحابة والتابعون، المخاطبون بالكتاب والسنة، قد عرفوا المراد به، لمعرفتهم


= المصطلح: ص ١٣ - ١٥، الطبعة الثانية ١٤٥٩ هـ - ١٩٨٩ م، عن دار الكتاب العربي، تحقيق: إبراهيم الأبياري، وانظر: مطلب مدلول الأُمَّة في القرآن الكريم: ص ٧٧، (البحث نفسه).
(١) انظر: بكر بن عبد اللَّه أبو زيد: فقه النوازل: ص ١٦١ - ١٩٦، (مرجع سابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>