الاستخلاف في الأرض بإقامة دين اللَّه، وحيث إنَّ استقصاء مناهج الأُمَّة الإسلاميَّة في جوانب حياتها المختلفة لا يتأتى في مساحة ضيقة كما هو حال هذه المفردة، فإنني أتناول منها -على سبيل المثال- الآتي:
أولًا: المناهج النقلية وعمادها الوحي، بقسميه القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد اعتنت الأُمَّة الإسلاميَّة عناية لم يسبق لها مثيل في المحافظة على نص القرآن الكريم ونص السنة النبويّة، واعتمدت لتحقيق ذلك مناهج بارعة، جرى الحديث عنها فيما سبق (١).
ثانيًا: المناهج العقليَّة، وهي منبثقة من المناهج النقليَّة، حيث أسس القرآن الكريم قواعدها، وضبط منطلقاتها، وربطها بأخلاقه ومثله ومبادئه وقيمه، وسار علماء الأُمَّة الإسلاميَّة في تاريخها وحضارتها في ضوء الكتاب والسنّة فكان الاجتهاد، وكان القياس، وكان الإجماع، والاستحسان والاستصحاب، والعرف والعادة، وسد الذرائع، والاستقراء، وكل ذلك ونحوه حقق للأُمَّة الإسلاميَّة بخاصَّة والبشرية بعامّة الكثير من المصالح سواء ما كان منها في إطار الضرورة، أو الحاجيّة، أو التحسينيَّة، ودفع عنها الكثير من المفاسد والأضرار، وذلك بقدر ما تلتزم الأُمَّة بالإسلام وتعتز به، وتسلك مناهجه وتتقيد بمفاهيمه.
وبالجملة -فإنَّ الأُمَّة الإسلاميَّة قد سلكت في علوم القرآن الكريم والحديث الشريف، وفي الفقه وأصوله، وفي علوم اللغة والتاريخ
(١) انظر: مطلب الربانيَّة ص ٥٩٢ - ٦٣٣، (البحث نفسه). وانظر: عماد الدين خليل: حول إعادة كتابة التاريخ الإسلامي: ص ١١٨ - ١٢١، الطبعة الأولى، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م، عن دار الثقافة، الدوحة، تحدث عن أهميَّة منهج المحدثين في علمي (الجرح والتعديل) و (مصطلح الحديث) اللذين تميَّزت بهما الأمَّة الإسلاميَّة على سائر الأمم، ودعا للإفادة منه في كتابة التاريخ ودراسته.