للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى، فكانوا يعتمدون السند قبل تدوين العلوم، وأصبح للكتب سندٌ حتى بعد التدوين، بالإضافة إلى تعيين المصادر. . .) (١).

ويؤكد بعض المستشرقين فكرة أصالة مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي، ومن أمثلة ذلك ما أكده (فرانتز روزنثال) في مواضع كثيرة من كتابه (مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي) (٢)، وإن كان يحاول في مواطن أخرى، أنْ يركز على سبق المسلمين في مجال البحث العلمي، وتفوق منهجهم في بعض العلوم، ومثال ذلك قوله: (أمَّا علماء الحديث والفقه فقد كانا يستندان في الدرجة الأولى على الدِّقَّة والأمانة في ذكر المصدر المأخوذ عنه؛ لأنّ الأسانيد هي جزءٌ من مادة البحث، وكل علم آخر له علاقة مباشرة بهذين العلمين -الحديث والفقه- تأثر إلى حدٍّ بعيد بالأسلوب المتبع في درسهما ومعالجتها، مثال ذلك كتب التراجم التي نشأت بدافع تدعيم علمي الحديث والفقه، أو لتكون في عون المحدث والفقه. . .) (٣)، وعلى أي حال فإنَّ في قوله ما يؤكد اتسام مناهج المسلمين العلميَّة بالموضوعية والمنهجية والأمانة والدِّقَّة، وأن ذلك كان خدمة لعلوم الشريعة، ولم يغفل ذكر امتداد هذه المنهجيَّة إلى علوم أخرى وبخاصة علم التاريخ، وفي ذلك يقول: (أمَّ أصحاب الكتب التاريخية فإنهم كانوا شديدي الحرص على ذكر المصادر التي يأخذون عنها) (٤)، ويستشهد على ذلك بالسبكي والسيوطي، وأنهما شددا على هذه الناحية،


(١) المرجع السبق نفسه: ص ٢٥.
(٢) ترجمة: أنيس فريحة، ومراجعة: وليد عرفات، الطبعة الرابعة، ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م، عن دار الثقافة، بيروت.
(٣) المرجع السابق نفسه: ص ١١٥.
(٤) المرجع السابق نفسه: ص ١١٦، ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>