للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه حين يعرض تطبيقات العلماء في هذه الناحيَّة المنهجيّة يجانبه أسلوب الباحث الموضوعي الرصين (١).

أمَّا المنهج التجريبي فإنَّ قصب السبق فيه راجع للمسلمين كعمود الصبح (٢)، ومن الحق أَنْ يقال: (إنَّ أعظم ما يُمكن أن يفخر به العلم الإسلامي في عصر ازدهاره، هو أنّه أضاف بالتدريج إلى مفهوم العلم معنى جديدًا، لم يكن يلقى اهتمامًا عند اليونانيين، وهو استخدام العلم في كشف أسرار العالم الطبيعي (وما يردده كثير من الباحثين من التعبير الغربي)؛ "قهر الإنسان للمادة، والسيطرة عليها"، واستخدام المسلمون الرياضة في حل المشكلات الواقعية التي تواجه الإنسان، وبرعوا في علوم المادة، واخترعوا علومًا مساعدة لذلك، فمثلًا برعوا في استخدام الأرقام، ووضع أسس علم الحساب، الذي يُمكن تطبيقه في حياة الناس اليوميَّة، وكان اختراعهم للجبر، وتفوقهم في الهندسة التحليلية، وابتكارهم لحساب المثلثات، إيذانًا بعصر جديد، تستخدم فيه الرياضة للتعبير عن قوانين العالم الطبيعي، وعلى هذا فقد وضحت على يد العلماء الإسلاميين أصول المنهج التجريبي، بما يقتضيه من ملاحظات دقيقة دائبة، ومن تسجيل منظم لهذه الملاحظات، ثُمَّ وضع الفروض لتفسيرها، وإجراء التجارب للتحقق من صحة هذه الفروض) (٣).


(١) انظر: المرجع السابق نفسه: ص ١١٧، ولعل (فرانتز روزنثال) قد تأثر في هذا المنحى بما يشيعه بعض المستشرقين أمثال (جولدزيهر): من كون علماء المسلمين يهتمون بالسند ولا ينقدون المتن.
(٢) انظر: أكرم ضياء العمري: التراث والمعاصرة: ص ٦٤ - ٧١، من سلسلة كتاب الأُمَّة، العدد [١٠]، تصدرها: رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر، الطبعة الأولى شعبان ١٤٠٥ هـ، وانظر: أحمد عصام الصفدي: تصنيف المعرفة والعلوم في ضوء خصائص الأُمَّة الإسلاميَّة: ص ٩٦ - ٩٩، (مرجع سابق).
(٣) توفيق يوسف الواعي: الحضارة الإسلاميَّة مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٢٩٤، ٢٩٥،=

<<  <  ج: ص:  >  >>