للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصيلة، ولها وجود مستمر في اللغة العربيَّة، وإن كانت دلالاتها تتراوح بين المعاني الحسيَّة المادية والمعنويَّة من جهة، وبين الحقيقة والمجاز والتخصيص من جهة أخرى، وفقًا لظروف الزمن، وملابسات الاستعمال، ووجهات النظر في التفسير والتحديد) (١).

فهي في أصلها اللغوي ترجع إلى الفعل (ثَقُفَ) على وزن (كَرُم) و (ثَقِفَ)، على وزن (فَرِحَ)، ولها في الحالتين دلالتان:

إحداهما حسيَّة ماديَّة، وثانيتهما معنويَّة (٢).

وواضح مِمَّا تقدم أنَّ الفعل بصورتيه المذكورتين (ثَقُفَ) بضم القاف، و (ثَقِفَ) بكسرها فعل لازم، وقد يأتي هذا الفعل متعدّيًا ولكن على وزن واحد فقط هو (ثَقِفَ) بكسر القاف (يَثْقَفُ) بفتحها؛ (كسَمِعَ، يَسْمَعُ)، وهو في هذه الحالة ذو دلالات عدَّة لكنها جميعًا دلالات معنويَّة لا ماديَّة، فمن معانيه: إدراك أوصاف الشيء أو الظفر به، وعلى هذا المعنى الأخير جاء قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: ١٩١]، ومن معانيه في هذه الحالة -أيضًا- (وهو المراد في سياق المفهوم) حذق الأمور والبراعة فيها يقال مثلًا: ثَقِفَ الرجل العلم والصناعة ثقافة، أي: حذقهما وبرع فيهما، وللفعل من هذه المادة ذاتها صورة أُخرى هي صورة التضعيف (ثقَّف)؛ فيقال: ثَقَّفَ الشيء، أو الرمح تثقيفًا؛ بمعنى: أقام المعوج منه وسوّاه، وهو في الأصل ذو معنًى مادي، ثُمَّ توسِّع فيه بالتوليد الدلالي لينتظم المعنى والمعاني (غير) المادية -أيضًا -كما في: ثقَّف الغلام: أي أدَّبه وهذّبه


(١) المرجع السابق نفسه: ص ١.
(٢) انظر: الفيروزآبادي: القاموس المحيط: مادة (ثقِفَ)، (مرجع سابق)، وانظر: ابن منظور: لسان العرب: مادة (ثقِفَ)، وانظر: المعجم الوسيط: مادة (ثقِفَ)، وانظر: كمال بشر: المرجع السابق نفسه: ص ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>