كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه

الوعي الثقافي الشامل - الناحية الثانية - ج: 2 - ص: 944

والاحترام المتبادل، وهذا المجتمع يجب أن يأخذ صورة نزعة إنسانية جديدة، يتحقق فيه الشمول بالاعتراف بقيم مشتركة تحت شعار تنوع الثقافات) (١).

وبالنظر لتاريخ الإسلام وحضارته يتبين أن الثقافة الإسلاميَّة سابقة إلى الدعوة لهذه النزعة الإنسانية التي تدعو إلى احترام الإنسان من حيث هو إنسان، واحترام كل ما يتصل به من الأشياء والأحياء، ولا أدل على ذلك من قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في حلف الفضول (٢)، فقد رُوي أنَّه قال: "لقد شهدت في دار (عبد اللَّه بن جدعان) حِلْفًا، ما أحبُّ أنّ لي به حمر النعم، ولو أُدْعَى به في الإسلام لأجبت" (٣)، وما رُوي عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حادثة وضع الحجر

---

(١) أصالة الثقافات: ص ٤٢٦، المرجع السابق نفسه، وانظر: عمر عودة الخطيب: المرجع السابق نفسه: ص ٩٦، وقد أنهى المؤتمرون ذلك المؤتمر ببيان مشترك بعنوان: (إنسانية الغد وتنوع الثقافات)، انظر: ص ٤٢٣ - ٤٢٦، (المرجع السابق نفسه).
(٢) انظر: ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ١٥٣، ١٥٤، (مرجع سابق)، وانظر: جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام ٤/ ٨٦ - ٩٠، ١٠٠، (مرجع سابق).
(٣) أورد هذه الرواية ابن إسحاق في سيرته عن طلحة بن عوف الزهري، وهي عند أهل الحديث مرسلة؛ لأن طلحة بن عوف (المذكور) تابعي، توفي سنة ٩٧ وهو ابن ٧٢ سنة، وكان يروي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دون أن يذكر اسم الصحابي، ورواه الحميدي عن سفيان عن عبد اللَّه عن محمد وعبد الرحمن بن أبي بكر مرفوعًا، وأخرجه الحارث في مسنده، انظر: الروض الأنف ١/ ١٥٥ - ١٥٦، (مرجع سابق)، وانظر: ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ١٥٥ وقبلها ١٥٣، ١٥٤، (مرجع سابق)، وانظر: ابن كثير: البداية والنهاية ٢/ ٢٩١، (مرجع سابق).
وأخرجه البيهقي: سنن البيهقي ٦/ ١٦٧، (مرجع سابق)، وانظر: الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد. . . ٢/ ١٥٤، ١٥٥، (مرجع سابق). وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ١/ ١٩٣، الحديث رقم [١٦٧٦]، بلفظ: "شهدتُ غلامًا مع عمومتي حِلْفَ المطيّبين، فما أحب أن لي حمر النعم، وإني أنكُشُهُ"، وقال المحقق: (إسناده صحيح)، الموسوعة الحديثية، مسند الإمام أحمد بن حنبل ٣/ ٢١٠،=